عالم خالٍ من العُنف

| عبدعلي الغسرة

يأمل‭ ‬الإنسان‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬العُنف‭... ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬واستعباد،‭ ‬ساعيًا‭ ‬لنشر‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬والتسامح‭ ‬والتفاهم‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬والدول،‭ ‬وفكرة‭ ‬اللاعُنف‭ ‬جاءت‭ ‬تخليدًا‭ ‬لذكرى‭ ‬ميلاد‭ ‬“المهاتما‭ ‬غاندي”،‭ ‬ولدوره‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الاستعمار‭ ‬البريطاني‭ ‬بدون‭ ‬سلاح‭ ‬قائلًا‭ ‬“اللاعُنف‭ ‬هو‭ ‬أقوى‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬البشرية”،‭ ‬وهو‭ ‬سلاح‭ ‬بشري‭ ‬وإنساني‭ ‬يُضاهي‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬قتلت‭ ‬الإنسان‭ ‬واقتلعت‭ ‬الأشجار‭ ‬وخربت‭ ‬البيئات‭.‬

العُنف‭ ‬لا‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ويتناغم‭ ‬مع‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يموج‭ ‬بالكراهية‭ ‬والقتل‭ ‬والاستعباد،‭ ‬واللاعُنف‭ ‬قوة‭ ‬يستطيع‭ ‬بها‭ ‬الإنسان‭ ‬رفض‭ ‬السلبية‭ ‬والخضوع،‭ ‬وأن‭ ‬يُطالب‭ ‬بحقوقه‭ ‬بدون‭ ‬عُنف‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬“غاندي”،‭ ‬ويستطيع‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬بفعالية‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صراعه‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬بالمقاومة‭ ‬اللاعنفية‭ ‬ليحقق‭ ‬ما‭ ‬يصبو‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تغيير،‭ ‬واللاعُنف‭ ‬ليس‭ ‬ضعفًا‭ ‬ولا‭ ‬استسلامًا‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬شجاعة‭.‬

وفي‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم‭ ‬نرى‭ ‬العُنف‭ ‬بأشكالٍ‭ ‬مُتعددة‭ ‬كاستغلال‭ ‬المياه‭ ‬ضد‭ ‬الدول‭ ‬وشعوبها،‭ ‬والتمييز‭ ‬العِرقي‭ ‬والديني‭ ‬والمذهبي،‭ ‬والممارسات‭ ‬السلبية‭ ‬ضد‭ ‬البيئة‭ ‬والمناخ،‭ ‬والنزاعات‭ ‬المسلحة،‭ ‬والجوع‭ ‬والفقر،‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬وانتهاك‭ ‬مسكنه‭ ‬وحقوقه‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والتحدي‭ ‬المتنامي‭ ‬لحرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬والكراهية‭ ‬والتمييز،‭ ‬والتجارة‭ ‬غير‭ ‬العادلة،‭ ‬وسلب‭ ‬المرأة‭ ‬حقوقها‭ ‬والتجارة‭ ‬بالبشر‭ ‬واستغلالهم‭ ‬بشتى‭ ‬الطُرق‭.‬

ويتمدد‭ ‬العُنف‭ ‬وينتشر‭ ‬أكثر‭ ‬باستخدام‭ ‬العِلم‭ ‬والتقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬بإنتاج‭ ‬أسلحة‭ ‬تُدمر‭ ‬الأرض‭ ‬وإنسانها‭ ‬وحضارتها‭ ‬بهدف‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬الغير‭ ‬واستعبادهم‭ ‬واستغلالهم‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬وإضرارهم‭ ‬اجتماعيًا،‭ ‬فالحروب‭ ‬دمرت‭ ‬الأرض‭ ‬ونشرت‭ ‬ثقافة‭ ‬الحقد‭ ‬والكره‭ ‬وغيبت‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬وأفسدت‭ ‬التنمية‭ ‬وأوسعت‭ ‬الأرض‭ ‬فقرًا‭.‬

 

إن‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬اجتثاث‭ ‬الخطابات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الأقليات‭ ‬الآمنة‭ ‬وسياسات‭ ‬الكراهية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سلامة‭ ‬الإنسان‭ ‬وإضفاء‭ ‬السكينة‭ ‬على‭ ‬حياته،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬وقيَم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬العُنف‭ ‬وتوقف‭ ‬الحروب‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والتنمية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رخاء‭ ‬الدول‭ ‬ونماء‭ ‬وكرامة‭ ‬شعوبها‭ ‬لتعيش‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مُتعافية‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬العُنف‭ ‬وزاهرة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬