بين الأميرين

| د. عبدالله الحواج

قبل‭ ‬أيام‭ ‬تلقت‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها‭ ‬صفعة‭ ‬قدرية‭ ‬من‭ ‬العيار‭ ‬الثقيل،‭ ‬فأمير‭ ‬الإنسانية‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬قد‭ ‬وافته‭ ‬المنية،‭ ‬وسموه‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يقترب‭ ‬منه‭ ‬للحدود‭ ‬التي‭ ‬وفقني‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬أقترب‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إليه،‭ ‬انه‭ ‬كان‭ ‬مخلصا‭ ‬لقضايا‭ ‬أمته،‭ ‬مؤمنًا‭ ‬بشعبه،‭ ‬مقاتلًا‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬فريد‭ ‬حتى‭ ‬يسود‭ ‬العدل‭ ‬والازدهار‭ ‬أرجاء‭ ‬المعمورة‭ ‬كافة‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬محبا‭ ‬للبحرين‭ ‬وأهلها،‭ ‬وكانت‭ ‬تربطه‭ ‬علاقة‭ ‬شخصية‭ ‬ومبداية‭ ‬وطيدة‭ ‬مع‭ ‬أمير‭ ‬القلوب،‭ ‬أميرنا‭ ‬المحبوب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬فكان‭ ‬سموه‭ ‬شفاه‭ ‬الله‭ ‬وعافاه‭ ‬يقوم‭ ‬بزيارة‭ ‬سنوية‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬مع‭ ‬مطلع‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ليلتقي‭ ‬بالأحبة‭ ‬قادة‭ ‬وأهل‭ ‬الكويت‭ ‬الأكرمين،‭ ‬وأحمد‭ ‬الله‭ ‬وأشكر‭ ‬فضله‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬معية‭ ‬الرئيس‭ ‬ضمن‭ ‬أحد‭ ‬الوفود‭ ‬التي‭ ‬سافرت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زيارة‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬مع‭ ‬مطلع‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬سنتين،‭ ‬هكذا‭ ‬أتذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬أتذكره‭ ‬بعدما‭ ‬شرفني‭ ‬أمير‭ ‬القلوب‭ ‬بصحبته‭ ‬في‭ ‬رحلته‭ ‬وأخصني‭ ‬في‭ ‬تقديمه‭ ‬لي‭ ‬إلى‭ ‬أمير‭ ‬الإنسانية‭ ‬بقوله‭ ‬“يفخر‭ ‬ابننا‭ ‬دائما‭ ‬بأنه‭ ‬خريج‭ ‬جامعة‭ ‬الكويت‭ ‬ونحن‭ ‬فخورن‭ ‬به‭ ‬لما‭ ‬يقدمه‭ ‬لنا‭ ‬ولوطنه‭ ‬فهو‭ ‬مؤسس‭ ‬أول‭ ‬جامعة‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬إذ‭ ‬دارت‭ ‬بيننا‭ ‬ومعي‭ ‬أنا‭ ‬شخصيًا‭ ‬أحاديث‭ ‬حميمية‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬مدي‭ ‬ارتباط‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬بقيادة‭ ‬وشعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬كل‭ ‬محبة‭ ‬وإعزاز‭ ‬وتقدير‭. ‬

وأذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬أذكر‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الاجتماعات‭ ‬مع‭ ‬سمو‭ ‬أمير‭ ‬الإنسانية‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬قدمني‭ ‬أمير‭ ‬القلوب،‭ ‬سيدي‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬أن‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬تحدث‭ ‬معي‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬بل‭ ‬وعن‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬بوصفها‭ ‬أول‭ ‬جامعة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الخليجية‭ ‬بأسرها،‭ ‬ولعلني‭ ‬أذكر‭ ‬كذلك‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬كان‭ ‬فخورا‭ ‬بأبناء‭ ‬شعبه‭ ‬عندما‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬الكويتيين‭ ‬الذين‭ ‬تلقوا‭ ‬تعليمهم‭ ‬الأكاديمي‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬بالبحرين،‭ ‬وتخرجوا‭ ‬منها‭ ‬بتفوق،‭ ‬وها‭ ‬هم‭ ‬اليوم‭ ‬يشغلون‭ ‬مناصب‭ ‬مرموقة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬في‭ ‬الديوان‭ ‬الأميري‭ ‬“ديوان‭ ‬سموكم‭ ‬العامر‭ ‬بإذن‭ ‬الله”‭. ‬إننا‭ ‬لمحزونون‭ ‬لفراقك‭ ‬أيها‭ ‬الراحل‭ ‬العظيم،‭ ‬ومكبلون‭ ‬بالدموع‭ ‬والحنين،‭ ‬بآلام‭ ‬الفراق،‭ ‬وعشقنا‭ ‬الدفين،‭ ‬فالوطن‭ ‬الذي‭ ‬الذي‭ ‬يفقد‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬هاماته،‭ ‬وقامة‭ ‬من‭ ‬قاماته،‭ ‬ومعول‭ ‬نهضة‭ ‬وتقدم‭ ‬ونماء‭ ‬سيظل‭ ‬حزينا‭ ‬مكلوما‭ ‬على‭ ‬فقده‭ ‬الكبير‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬إيماننا‭ ‬بالله‭ ‬كبيرا،‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬صبرنا‭ ‬على‭ ‬مصابنا‭ ‬لعظيم،‭ ‬وإنا‭ ‬لله‭ ‬وانا‭ ‬اليه‭ ‬راجعون‭.‬