زبدة القول

سمو الأمير صباح وصورة الكويت في العالم

| د. بثينة خليفة قاسم

هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬الإعلامي‭ ‬العالمي‭ ‬برحيل‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬له‭ ‬دلالات‭ ‬مهمة‭ ‬وليست‭ ‬مجرد‭ ‬رسائل‭ ‬بروتوكولية‭ ‬أساسها‭ ‬المجاملة‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬فسمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬استطاع‭ ‬باقتدار‭ ‬أن‭ ‬يصنع‭ ‬للكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬صورة‭ ‬طيبة‭ ‬لدى‭ ‬شعوب‭ ‬وحكومات‭ ‬العالم،‭ ‬وهذا‭ ‬أيضا‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬فصورة‭ ‬الحاكم‭ ‬أو‭ ‬الرئيس‭ ‬حتما‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬انعكاساتها‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬ككل،‭ ‬فالحكام‭ ‬الذين‭ ‬يمارسون‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬ويمولون‭ ‬ويدعمون‭ ‬آلة‭ ‬القتل‭ ‬والدمار‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هم‭ ‬حتما‭ ‬يساهمون‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬صور‭ ‬ذهنية‭ ‬سيئة‭ ‬لدولهم‭ ‬لدى‭ ‬بقية‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭.‬

وعندما‭ ‬تتكرر‭ ‬جملة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬رحيل‭ ‬وحياة‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح،‭ ‬فمعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬راسخة‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬للتشكيك‭ ‬فيها،‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬كانت‭ ‬دولة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬باقتدار،‭ ‬دولة‭ ‬تسعى‭ ‬لإطفاء‭ ‬الحرائق‭ ‬المشتعلة‭ ‬حولها‭ ‬ما‭ ‬استطاعت‭ ‬لذلك‭ ‬سبيلا،‭ ‬فهي‭ ‬تبذل‭ ‬مساعيها‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬أية‭ ‬ضغوط‭ ‬رخيصة‭ ‬على‭ ‬أحد‭.‬

ورغم‭ ‬كثرة‭ ‬هذه‭ ‬الحرائق‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نر‭ ‬الكويت‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬الوسيط‭ ‬المصلح‭ ‬ولم‭ ‬نرها‭ ‬أبدا‭ ‬تسلح‭ ‬أو‭ ‬تمول‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬تعرضت‭ ‬للضرر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬هي‭ ‬العراق‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تمارس‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬ومن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ساندت‭ ‬العراق،‭ ‬رأينا‭ ‬الكويت‭ ‬تقدم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لدول‭ ‬عربية‭ ‬أصابها‭ ‬ما‭ ‬أصابها‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬دول‭ ‬تسعى‭ ‬لأن‭ ‬تصنع‭ ‬لنفسها‭ ‬وجودا‭ ‬زائفا‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬صنع‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬نتحدث‭ ‬عنها‭ ‬وهي‭ ‬صورة‭ ‬الكويت‭ ‬الدولة‭ ‬الهادئة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مهاترات‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافيا‭ ‬وتتجاوز‭ ‬قيم‭ ‬العروبة‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬جزاء‭ ‬من‭ ‬قدمه‭ ‬لشعبه‭ ‬وأمته‭ ‬وأعان‭ ‬الله‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬على‭ ‬مهمته‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭.‬