لقطة

هكذا أنقذ أمير الكويت الراحل كأس الخليج!

| أحمد كريم

لا‭ ‬حصر‭ ‬لمناقب‭ ‬سمو‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬في‭ ‬مساحة‭ ‬محددة،‭ ‬فهو‭ ‬شخصية‭ ‬بانورامية‭ ‬شاملة‭ ‬العطاء‭. ‬وبسهولة‭ ‬شديدة‭ ‬يمكنني‭ ‬أن‭ ‬ألتقط‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭ ‬النبيلة‭ ‬في‭ ‬“خليجي‭ ‬23”‭ ‬وقد‭ ‬عايشتها‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬حدثت‭ ‬بالأمس‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬شتاء‭ ‬2017،‭ ‬عندما‭ ‬واجهت‭ ‬دورة‭ ‬كأس‭ ‬الخليج،‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬التحديات‭ ‬في‭ ‬مسيرتها،‭ ‬بسبب‭ ‬رفض‭ ‬3‭ ‬منتخبات‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬8،‭ ‬اللعب‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬البلد‭ ‬المستضيف‭ ‬للنسخة‭ ‬23،‭ ‬وبات‭ ‬مصير‭ ‬الدورة‭ ‬على‭ ‬المحك،‭ ‬وتبقى‭ ‬14‭ ‬يومًا‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬موعد‭ ‬انطلاق‭ ‬العرس‭ ‬الخليجي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يمثله‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬تراثية‭ ‬خليجية‭ ‬مغلفة‭ ‬بإطار‭ ‬رياضي‭!‬

‭ ‬عندما‭ ‬علم‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬بهذه‭ ‬المشكلة‭ ‬وهو‭ ‬يدرك‭ ‬بالطبع‭ ‬خلفيتها‭ ‬وأبعادها،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬الكويت‭ ‬دور‭ ‬المنقذ،‭ ‬وتبنى‭ ‬فكرة‭ ‬استضافة‭ ‬الدورة‭ ‬وتعامل‭ ‬معها‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وكون‭ ‬الفترة‭ ‬قصيرة‭ ‬وغير‭ ‬كافية‭ ‬لتوفير‭ ‬الميزانيات‭ ‬اللازمة‭ ‬لاستضافة‭ ‬الوفود‭ ‬الرسمية‭ ‬والجماهيرية‭ ‬للمنتخبات‭ ‬الثمانية‭ ‬في‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد،‭ ‬تكفل‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬بالنفقات‭ ‬من‭ ‬حسابه‭ ‬الشخصي‭.‬

وبالفعل،‭ ‬نظّمت‭ ‬الكويت‭ ‬البطولة‭ ‬بمشاركة‭ ‬المنتخبات‭ ‬الثمانية،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬بقاء‭ ‬كأس‭ ‬الخليج،‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬قطر‭ ‬للنسخة‭ ‬24‭ ‬بمشاركة‭ ‬المنتخبات‭ ‬الثمانية،‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬سمو‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬استطاع‭ ‬بحكمته‭ ‬ودبلوماسيته‭ ‬العالية،‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬اتفاقًا‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬يضمن‭ ‬استمرار‭ ‬“العرس‭ ‬الخليجي”‭ ‬بمشاركة‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬وفي‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المعنية‭.‬

‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬ما‭ ‬يعكر‭ ‬صفو‭ ‬النسخة‭ ‬الأفضل‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبحرينيين،‭ ‬فقد‭ ‬توّج‭ ‬منتخبنا‭ ‬بكأس‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2019،‭ ‬بعد‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الانتظار،‭ ‬وفرحنا‭ ‬جميعًا‭ ‬باللقب‭ ‬الغالي،‭ ‬واحتفل‭ ‬الخليجيون‭ ‬معنا،‭ ‬ولا‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬رجلاً‭ ‬كان‭ ‬سعيدًا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الذي‭ ‬أحب‭ ‬الخليج‭ ‬مجتمعًا،‭ ‬وأحب‭ ‬البحرين‭ ‬بصورة‭ ‬خاصة،‭ ‬فلا‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تبادله‭ ‬البحرين‭ ‬حكومة‭ ‬وشعبًا‭ ‬ذات‭ ‬الشعور،‭ ‬وتنعى‭ ‬رحيله‭ ‬بحزن‭ ‬شديد‭.‬

‭ ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬“لقطة”‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير،‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬للوحدة‭ ‬والسلام‭ ‬والإنسانية،‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬عبرة‭ ‬طيبة،‭ ‬تشيع‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬الفخر‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بحكمة‭ ‬قادة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬كما‭ ‬تمنى‭ ‬الفقيد‭ ‬الغالي‭. ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬وألهم‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬الشقيق‭ ‬الصبر‭ ‬والسلوان،‭ ‬وأعان‭ ‬أخاه‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬والسير‭ ‬على‭ ‬خطواته‭ ‬المضيئة‭.‬