زبدة القول

رحيل أمير الإنسانية

| د. بثينة خليفة قاسم

بعد‭ ‬رحلة‭ ‬عمر‭ ‬حافلة‭ ‬بالإنجازات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬ربه‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة،‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬صباح‭ ‬كان‭ ‬رجلا‭ ‬استثنائيا‭ ‬على‭ ‬مقاييس‭ ‬عديدة،‭ ‬حيث‭ ‬قضى‭ ‬جل‭ ‬عمره‭ ‬المديد‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الكويت‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬وقضاياها‭ ‬المختلفة،‭ ‬وخدمة‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.‬

لقد‭ ‬ولد‭ ‬الأمير‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬وعاش‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬السياسة‭ ‬والعمل‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬رجل‭ ‬قضى‭ ‬زمنا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬حيث‭ ‬ظل‭ ‬يخدم‭ ‬في‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الكويتية‭ ‬والعربية‭ ‬حوالي‭ ‬خمسين‭ ‬عاما‭ ‬اكتسب‭ ‬خلالها‭ ‬خبرات‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬منصب‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٠٦‬‭.‬

وربما‭ ‬كان‭ ‬لتلك‭ ‬الخبرة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العريضة‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬حنكة‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لكل‭ ‬القضايا‭ ‬الشائكة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدوائر‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬تتصل‭ ‬بدولة‭ ‬الكويت‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬ككل‭.‬

لقد‭ ‬استطاع‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬أن‭ ‬ينأى‭ ‬بالكويت‭ ‬عن‭ ‬الصراعات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬بلده‭ ‬وشعبه،‭ ‬وحافظ‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬العالم‭ ‬للكويت‭ ‬كدولة‭ ‬لها‭ ‬أياد‭ ‬بيضاء‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬الثمن‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭.‬

فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬وتفجر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬والصراعات‭ ‬الشائكة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬فيها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬بقيادة‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تشق‭ ‬طريقها‭ ‬وسطا‭ ‬ووازنت‭ ‬مواقفها‭ ‬بحنكة‭ ‬ودهاء‭ ‬وحافظت‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬شعبها‭ ‬ومصالحها‭ ‬العليا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬مزايدة‭ ‬أو‭ ‬شعارات‭ ‬جوفاء‭.‬

 

رحم‭ ‬الله‭ ‬الأمير‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭ ‬جزاء‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬لشعبه‭ ‬وأمته‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وعزاؤنا‭ ‬للشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬الشقيق‭ ‬في‭ ‬رحيل‭ ‬هذا‭ ‬القائد‭ ‬العظيم،‭ ‬وإنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‭.‬