الشيخ صباح... الإنسان

| زهير توفيقي

نعت‭ ‬الكويت‭ ‬رحيل‭ ‬أميرها‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أنها‭ ‬خسارة‭ ‬كبيرة‭ ‬ليست‭ ‬للكويت‭ ‬والكويتيين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬لكل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬جمعاء،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬أدوار‭ ‬ومواقف‭ ‬سموه‭ ‬وحكمته‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬دفة‭ ‬الحكم‭ ‬ومواقفه‭ ‬المشرفة‭ ‬والنبيلة‭ ‬والإنسانية‭ ‬في‭ ‬مشارق‭ ‬العالم‭ ‬ومغاربها،‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كتاب‭.‬

إن‭ ‬عطاء‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬اللامحدود‭ ‬لوطنه‭ ‬والعالم‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬كان‭ ‬أميرًا‭ ‬للإنسانية‭ ‬وإنسانا‭ ‬في‭ ‬الإمارة‭ ‬والحكم،‭ ‬ففي‭ ‬الإنسانية‭ ‬كان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬الرحيم‭ ‬والأخ‭ ‬الكبير‭ ‬والناصح‭ ‬الأمين،‭ ‬وفي‭ ‬الحكم‭ ‬كان‭ ‬القائد‭ ‬الحكيم‭ ‬والحصيف‭ ‬والناقد‭ ‬البصير،‭ ‬فكسب‭ ‬بذلك‭ ‬القلوب‭ ‬حبا‭ ‬وإجلالا‭.‬

وكان‭ ‬لتقلده‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬مواقفها،‭ ‬وفي‭ ‬أحلك‭ ‬الظروف‭ ‬كانت‭ ‬حاضرة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬المهم‭ ‬والحساس‭ ‬أكسبه‭ ‬خبرة‭ ‬وحنكة‭ ‬سياسية‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬مهمة‭ ‬جدًا،‭ ‬ومن‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يستذكر‭ ‬مناقب‭ ‬سموه‭ ‬وأعماله‭ ‬الإنسانية‭ ‬والخيرية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬العالم،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬استحق‭ ‬لقب‭ ‬“قائد‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني”‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

ولا‭ ‬ننكر‭ ‬كبحرينيين‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬التي‭ ‬نلقاها‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬مشاريع‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬للمملكة،‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تقصر‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬أميرها‭ ‬الراحل‭ ‬وجميع‭ ‬أمرائها‭ ‬السابقين‭ ‬رحمهم‭ ‬الله،‭ ‬فعلاقة‭ ‬الشعبين‭ ‬الشقيقين‭ ‬عريقة‭ ‬وتربطهما‭ ‬أواصر‭ ‬القربى‭ ‬والنسب‭ ‬والتاريخ‭ ‬والدين‭.‬

فالزيارة‭ ‬السنوية‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬أكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام‭ ‬والود،‭ ‬وتنم‭ ‬عن‭ ‬عمقها‭ ‬وقوتها،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬أعجبت‭ ‬كثيرًا‭ ‬بتفاعل‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المصاب‭ ‬الجلل،‭ ‬حين‭ ‬شارك‭ ‬الجميع‭ ‬وبصورة‭ ‬عفوية‭ ‬وصادقة‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬مواساتهم‭ ‬وحزنهم‭ ‬لفقدان‭ ‬أمير‭ ‬الكويت،‭ ‬وهذا‭ ‬إن‭ ‬دل‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬فإنما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬طيب‭ ‬معدن‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬بجميع‭ ‬طوائفه‭ ‬وبسبب‭ ‬مواقف‭ ‬هذا‭ ‬الأمير‭ ‬الإنسان‭. ‬

 

أدعو‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يتغمد‭ ‬فقيد‭ ‬الكويت‭ ‬الغالي‭ ‬بواسع‭ ‬رحمته‭ ‬ويسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭ ‬مع‭ ‬الذين‭ ‬أنعم‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬النبيين‭ ‬والصديقين‭ ‬والشهداء‭ ‬والصالحين،‭ ‬وأن‭ ‬يوفق‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬مشوار‭ ‬ومسيرة‭ ‬التقدم‭ ‬والنماء،‭ ‬فسموه‭ ‬خير‭ ‬خلف‭ ‬لخير‭ ‬سلف‭. ‬تعازينا‭ ‬إلى‭ ‬المقام‭ ‬السامي‭ ‬لسمو‭ ‬الأمير‭ ‬وأفراد‭ ‬العائلة‭ ‬الحاكمة‭ ‬وعموم‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭.‬