الطاعون والكوليرا والأنفلونزا والملاريا والجدري والكورونا في 117 عاما (2)

| د. حسين المهدي

بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬فحوصات‭ ‬كورونا‭ ‬زهاء‭ ‬1‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ (‬26/9/2020‭)‬،‭ ‬وتجاوز‭ ‬المتعافون‭ ‬62‭ ‬ألفاً،‭ ‬وفاقت‭ ‬حالات‭ ‬التعافي‭ ‬الإضافية‭ ‬الـ‭ ‬777‭ ‬الحالات‭ ‬الجديدة‭ ‬البالغة‭ ‬585،‭ ‬ووصل‭ ‬عدد‭ ‬الوفيات‭ ‬إلى‭ ‬239،‭ ‬وعطفاً‭ ‬على‭ ‬بحثنا‭ ‬عن‭ ‬الأمراض‭ ‬وأرقامها،‭ ‬في‭ ‬117‭ ‬عاما‭ (‬1903‭ - ‬2020‭) ‬ملخصين‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الفائت‭ ‬المرات‭ ‬الخمس‭ ‬التي‭ ‬ضرب‭ ‬فيها‭ ‬الطاعون‭ (‬1903‭ - ‬1924‭)‬،‭ ‬واليوم‭ ‬نغطي‭ ‬الكوليرا‭ (‬1904‭) ‬والأنفلونزا‭ ‬الأسبانية‭ (‬1918‭)‬،‭ ‬والملاريا‭ (‬1937‭) ‬والجدري‭ (‬1939‭ - ‬1941‭) ‬والأنفلونزا‭ ‬الآسيوية‭ (‬1957‭)‬،‭ ‬وأنفلونزا‭ ‬الخنازير‭ (‬2009‭)‬،‭ ‬ونركز‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬لاحق‭ ‬على‭ ‬كورونا‭ (‬2020‭)‬،‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الثمانية‭ ‬الأخيرة‭.‬

استمر‭ ‬زحف‭ ‬الأوبئة‭ ‬لـ‭ (‬1904‭) ‬حيث‭ ‬هاجم‭ ‬الكوليرا‭ ‬البلاد،‭ ‬ووصف‭ ‬الدكتور‭ ‬خليل‭ ‬رجب‭ ‬“أن‭ ‬الكوليرا‭ ‬بدأ‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬العراق‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬موانئ‭ ‬الخليج‭ ‬والبحرين‭ ‬في‭ ‬مدينتي‭ ‬المنامة‭ ‬والمحرق،‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬3000،‭ ‬قضى‭ ‬منهم‭ ‬2000”،‭ ‬وصنفت‭ ‬الأنفلونزا‭ ‬الأسبانية‭ (‬1918‭ - ‬1919‭)‬،‭ ‬وفقا‭ ‬للعريض‭ ‬بأنها‭ ‬“واحدة‭ ‬من‭ ‬أعنف‭ ‬الأوبئة‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬وتسببت‭ ‬بمقتل‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ - ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬لقوا‭ ‬حتفهم‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ -‬‭ ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬أصابت‭ ‬ثلث‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬وصلت‭ ‬البحرين‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬وتسببت‭ ‬بوفاة‭ ‬1500‭ ‬بحسب‭ ‬الإرسالية‭ ‬الأميركية”‭.‬

الملاريا‭ (‬1937‭ - ‬1957‭) ‬انتشرت‭ ‬حسب‭ ‬الدكتور‭ ‬جوهر‭ ‬“وتم‭ ‬استقدام‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬مكافحتها‭ ‬الميجر‭ ‬ام‭ ‬كي‭ ‬افريدي‭ (‬1937‭) ‬وتم‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ (‬1939‭)‬،‭ ‬وتم‭ ‬ردم‭ ‬ومعالجة‭ ‬برك‭ ‬المياه‭ ‬الراكدة‭ ‬والمستنقعات‭ ‬وتوفير‭ ‬المواد‭ ‬اللازمة‭ ‬كالنفط‭ ‬الخام‭ ‬“القار”‭ ‬والمبيدات‭ ‬الحشرية‭ ‬مجاناً،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مزارع‭ ‬سمكية‭ ‬لإنتاج‭ ‬أسماك‭ ‬تتغذى‭ ‬على‭ ‬يرقات‭ ‬البعوض‭ (‬سمكة‭ ‬جرو‭ ‬العربية‭)‬”‭... ‬في‭ (‬1938‭ - ‬1941‭)‬،‭ ‬يقول‭ ‬عبدالله‭ ‬الذوادي‭ ‬“حط‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬البحرين‭ ‬مرض‭ ‬الجدري‭ ‬بشكل‭ ‬وبائي،‭ ‬وقامت‭ ‬الحكومة‭ ‬بالتطعيم‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬يكتشف‭ ‬فيها‭ ‬المرض‭ ‬وتسمى‭ ‬الحملة‭ (‬بالتوتين‭) ‬وكان‭ ‬انتشاره‭ ‬رهيباً،‭ ‬وأوجدت‭ ‬الحكومة‭ ‬مكاناً‭ ‬لعزل‭ ‬المرضى‭ (‬الكرنتيله‭) ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬أم‭ ‬الشجر‭ ‬بالمحرق”،‭ ‬وظلت‭ ‬الأنفلونزا‭ ‬حدثا‭ ‬سنويا،‭ ‬وبرزت‭ ‬ثانية‭ ‬باسم‭ ‬الآسيوية‭ (‬1957‭)‬،‭ ‬ووصلت‭ ‬عبر‭ ‬الصين‭ ‬وراح‭ ‬ضحيتها‭ ‬مليونا‭ ‬شخص‭ ‬عالمياً‭. ‬محلياً،‭ ‬ذكرت‭ ‬إمكانية‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬لاحق‭ ‬في‭ ‬تعداد‭ (‬1959‭). ‬وظهرت‭ ‬أحدث‭ ‬أنفلونزا‭ ‬وبائية‭ ‬في‭ ‬المكسيك‭ ‬في‭ (‬2009‭)‬،‭ ‬مصدرها‭ ‬الخنازير،‭ ‬وأعلنت‭ ‬البلاد‭ ‬وفاة‭ ‬آسيوية‭ ‬بأنفلونزا‭ ‬الخنازير،‭ ‬وفاق‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬200‭.‬

بينا‭ ‬أعلاه،‭ ‬ستة‭ ‬أوبئة‭ ‬حلت‭ ‬بالبلاد،‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬إصابات‭ ‬ووفيات،‭ ‬لكنها‭ ‬جوبهت‭ ‬بإجراءات‭ ‬احترازية‭ ‬حدت‭ ‬من‭ ‬تفاقمها‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محدودية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬عموماً‭ ‬والوطنية‭ ‬خصوصاً،‭ ‬والإمكانيات‭ ‬اللوجستية‭ ‬أيضاً‭.‬