مُلتقطات

زواج “الصالونات”... مرفوضٌ!

| د. جاسم المحاري

يُنقل‭ ‬أنّ‭ ‬إعرابية‭ ‬قالت‭ ‬لأبيها‭ ‬“يا‭ ‬أبتِ‭ ‬العمر‭ ‬يمضي‭ ‬والوحدة‭ ‬عذاب”‭ ‬حين‭ ‬أصرّ‭ ‬على‭ ‬تزويجها‭ ‬لأحد‭ ‬فرسان‭ ‬قبيلته،‭ ‬بما‭ ‬مؤداه‭ ‬تأخر‭ ‬الزواج‭ ‬وإحراز‭ ‬العنوسة،‭ ‬بل‭ ‬وتعطيل‭ ‬حقيقي‭ ‬لدور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬مجتمعها‭ ‬الصغير‭ ‬في‭ ‬الإنجاب‭ ‬والرعاية‭ ‬والتربية،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬إشغال‭ ‬حقيقي‭ ‬لهذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الكبير‭ ‬برمّته‭.. ‬عن‭ ‬تأدية‭ ‬الأدوار‭ ‬المُناطة‭ ‬بها‭ ‬كامرأة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والمشاركة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التطوير‭ ‬والنهوض،‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬حتمّية‭ ‬الدق‭ ‬على‭ (‬نواقيس‭) ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬أقلق‭ ‬الجميع‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬حين‭ ‬أبدت‭ ‬جماعات‭ ‬من‭ ‬ذوات‭ ‬الثلاثين‭ ‬ربيعاً‭ ‬عدم‭ ‬اكتراثهن‭ ‬بالزواج‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قول‭ ‬بعضهنّ‭ - ‬لتمضي‭ ‬حياتهن‭ ‬بصورة‭ ‬طبيعية‭ ‬قوية‭ ‬صلبة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬“كسر”‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬المجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬صنّفها‭ (‬عانساً‭) ‬دون‭ ‬هواجس‭ ‬تُذكر،‭ ‬قد‭ ‬تحدّ‭ ‬من‭ ‬حريتها‭ ‬الشخصية‭ ‬واستقلاليتها‭ ‬الذاتية‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬أساليب‭ ‬العيش‭ ‬المرتآة‭.‬

إنّ‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يُخلّفه‭ ‬تأخر‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ (‬جيش‭) ‬نسائي‭ ‬تفيض‭ ‬به‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية؛‭ ‬يستوجب‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬عاجلة‭ ‬بعدما‭ ‬أضحت‭ ‬ظاهرة‭ - ‬لدى‭ ‬الشباب‭ ‬والشابات‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬–‭ ‬بمزيجِ‭ ‬متناقض‭ ‬يستبعد‭ ‬فكرة‭ ‬الزواج‭ ‬وضياع‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬موروثا‭ ‬ناتجا‭ ‬عن‭ ‬تراكمات‭ ‬ماضية‭ ‬وإفرازات‭ ‬متوالية،‭ ‬أفشتها‭ ‬علل‭ ‬إكمال‭ ‬التعليم‭ ‬والدراسة‭ ‬والعمل‭ ‬وتأمين‭ ‬المستقبل‭ ‬وتحمّل‭ ‬المسؤوليات‭ ‬الأسرية‭ ‬ورعاية‭ ‬الأطفال،‭ ‬أو‭ ‬انتظار‭ ‬الشريك‭ ‬ذي‭ ‬الملاءمة‭ ‬الفكرية‭ ‬الفريدة‭ ‬وصاحب‭ ‬العلائق‭ ‬العاطفية‭ ‬النوعية‭ ‬التي‭ ‬تُؤنس‭ ‬الوحش‭ ‬وتُبدد‭ ‬التعاسة‭ ‬وتستكمل‭ ‬مشوار‭ ‬العمر‭ ‬على‭ ‬“رباط”‭ ‬مقدّس‭ ‬يُشبع‭ ‬الحاجات‭ ‬والرغبات،‭ ‬ويقمع‭ ‬الانحرافات‭ ‬والشذوذ،‭ ‬ويُحقّق‭ ‬الهدوء‭ ‬والسرور،‭ ‬ويحفظه‭ ‬من‭ ‬التدهور‭ ‬والانهيار،‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬باتت‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬“عزوفاً”‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬و”عنوسةَ”‭ ‬عند‭ ‬المرأة،‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬عكست‭ ‬الصورة‭ ‬المباشرة‭ ‬لأوضاع‭ ‬المجتمع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والثقافية،‭ ‬ومكنتها‭ (‬حتى‭) ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬سنّ‭ ‬الزواج‭ ‬وسهلت‭ ‬من‭ ‬إجراءاته‭ ‬أو‭ ‬عرقلتها‭. ‬

نافلة‭: ‬

باتت‭ ‬آفة‭ ‬العنوسة‭ ‬–‭ ‬للرجل‭ ‬والمرأة‭ - ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬أفرزتها‭ ‬الدعاوى‭ ‬المُضللة،‭ ‬بل‭ ‬وأخطر‭ ‬المعضلات‭ ‬التي‭ ‬أنتجتها‭ ‬الأراجيف‭ ‬الهدامة‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والأعراف‭ ‬الخاطئة‭ ‬التي‭ ‬تتباهى‭ ‬بالمهور‭ ‬وتتفاخر‭ ‬بالتجهيزات‭ ‬وتُبالغ‭ ‬في‭ ‬التكاليف‭ ‬وتزهو‭ ‬بالنسب‭ ‬وتُحارب‭ ‬زواج‭ ‬الصغيرات‭ ‬قبل‭ ‬الكبيرات‭ ‬وتكفّ‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬المبكر‭ ‬وتُجرّم‭ ‬التعدد؛‭ ‬حتى‭ ‬أفرزت‭ ‬عنها‭ ‬أرقاما‭ ‬خطيرة‭ ‬ومؤشرات‭ ‬كبيرة‭ ‬وإحصائيات‭ ‬مخيفة؛‭ ‬تستدعي‭ ‬الحلول‭ ‬العاجلة‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ (‬هجمات‭) ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬الزواج‭ ‬التقليدي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬بزواج‭ ‬“الصالونات”‭ ‬الذي‭ ‬أشاع‭ ‬التّعفف‭ ‬والاندماج‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬الزوجية‭ ‬المتكافئة‭.‬