ومضة قلم

رجل أعطى بلا حدود

| محمد المحفوظ

“نظرت‭ ‬فإذا‭ ‬المناصب‭ ‬تكليف‭ ‬لا‭ ‬تشريف،‭ ‬وهي‭ ‬مشقة‭ ‬وتعب‭ ‬لا‭ ‬لذة‭ ‬وطرب”،‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬لمن‭ ‬تنسب‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭ ‬الرائعة‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬أعرفه‭ ‬أنّ‭ ‬المسؤولية‭ ‬أو‭ ‬المنصب‭ ‬الذي‭ ‬يتقلده‭ ‬البعض‭ ‬فوق‭ ‬أنه‭ ‬تكليف‭ ‬فإنه‭ ‬أمانة‭ ‬ينوء‭ ‬بحملها‭ ‬من‭ ‬يتقلدها،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬“إِنَّا‭ ‬عَرَضْنَا‭ ‬الْأَمَانَةَ‭ ‬عَلَى‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالْأَرْضِ‭ ‬وَالْجِبَالِ‭ ‬فَأَبَيْنَ‭ ‬أَن‭ ‬يَحْمِلْنَهَا‭ ‬وَأَشْفَقْنَ‭ ‬مِنْهَا‭ ‬وَحَمَلَهَا‭ ‬الْإِنسَانُ”‭. ‬الكثير‭ ‬ممن‭ ‬يسند‭ ‬لهم‭ ‬المنصب‭ ‬تنتابهم‭ ‬مشاعر‭ ‬الغضب،‭ ‬ويضيقون‭ ‬بكلمات‭ ‬النقد‭ ‬في‭ ‬خلط‭ ‬بين‭ ‬الأداء‭ ‬الوظيفي‭ ‬وشخصياتهم،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬ملاحظات‭ ‬عابرة‭ ‬هدفها‭ ‬البناء،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬فإنّ‭ ‬المسؤول‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬المنصب‭ ‬تكليفا‭ ‬لا‭ ‬تشريفا‭ ‬نجده‭ ‬يتقبل‭ ‬ويرحب‭ ‬بالنقد‭ ‬باعتباره‭ ‬طريقا‭ ‬للإصلاح‭ ‬وكشفا‭ ‬لمواقع‭ ‬الخلل،‭ ‬مثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬جديرون‭ ‬بالمواقع‭ ‬وقادرون‭ ‬على‭ ‬العطاء‭ ‬والإنجاز‭.‬

من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬السابق‭ ‬صباح‭ ‬الدوسري،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬الدوسري‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬تقلده‭ ‬منصبه‭ ‬كوكيل‭ ‬للعمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬إخلاصه‭ ‬وتفانيه‭ ‬وأداءه‭ ‬واجبه،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬شعلة‭ ‬لا‭ ‬تخبو‭ ‬من‭ ‬النشاط،‭ ‬وجميع‭ ‬من‭ ‬عرفوا‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬كانوا‭ ‬قريبين‭ ‬منه‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أنهم‭ ‬لمسوا‭ ‬فيه‭ ‬عشقه‭ ‬العمل‭ ‬بلا‭ ‬حدود،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬خلقه‭ ‬الرفيع‭ ‬والبسمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تفارق‭ ‬محياه‭.‬

أتذكر‭ ‬أنّ‭ ‬للوكيل‭ ‬صباح‭ ‬الدوسري‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المقترحات‭ ‬البناءة‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬مشروعا‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬“الموظف‭ ‬الرديف”،‭ ‬حينها‭ ‬قلت‭ ‬إنّ‭ ‬المشروع‭ ‬جدير‭ ‬بالدعم‭ ‬لأسباب‭ ‬أهمها‭ ‬ما‭ ‬يهدف‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬إحلال‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬يحتلها‭ ‬الأجانب،‭ ‬أي‭ ‬توظيف‭ ‬البحريني‭ ‬كمساعد‭ ‬لوظيفة‭ ‬محاسب‭ ‬للأجنبي‭ ‬كمثال‭ ‬لمدة‭ ‬سنتين‭ ‬حتى‭ ‬تتوفر‭ ‬لديه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬الوظيفة،‭ ‬والأمر‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬الوظائف،‭ ‬ولو‭ ‬قدر‭ ‬للفكرة‭ ‬التي‭ ‬اقترحها‭ ‬الوكيل‭ ‬الدوسري‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬حيزها‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬يشغلها‭ ‬الأجانب‭ ‬لأمكننا‭ ‬حلحلة‭ ‬معضلة‭ ‬البطالة‭ ‬الآخذة‭ ‬في‭ ‬الاستفحال‭ ‬عاما‭ ‬بعد‭ ‬الآخر،‭ ‬المشروع‭ ‬يمثل‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬للخريجين‭ ‬البحرينيين،‭ ‬بيد‭ ‬أنّ‭ ‬المؤسف‭ ‬أنه‭ ‬تعثر‭ ‬لأسباب‭ ‬نجهلها‭.. ‬إننا‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬الفكرة‭ ‬من‭ ‬يتبناها‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنها‭ ‬أثبتت‭ ‬نجاحها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬خليجية‭ ‬شقيقة‭.‬