السعودية مهوى الأفئدة... من البحرين لك الحب أوطانا وشطآني

| بدور المالكي

في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تتجدد‭ ‬الأفراح‭ ‬والمسرات‭ ‬باستقبال‭ ‬مناسبة‭ ‬حبيبة‭ ‬للقلب‭ ‬ينتظرها‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬ليعبروا‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬حبهم‭ ‬وتقديرهم‭ ‬وأمنياتهم‭ ‬القلبية،‭ ‬هي‭ ‬ذكرى‭ ‬تأسيس‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬فعندما‭ ‬نحتفل‭ ‬جميعا‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة،‭ ‬فإننا‭ ‬بلاشك‭ ‬نحتفل‭ ‬بيوم‭ ‬وطني‭ ‬لبلد‭ ‬ليس‭ ‬ككل‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭. ‬إن‭ ‬التهاني‭ ‬والتبريكات‭ ‬باليوم‭ ‬الوطني‭ ‬السعودي‭ ‬ممزوجة‭ ‬بأجمل‭ ‬عبارات‭ ‬الحب‭ ‬والتقدير‭ ‬لهذا‭ ‬البنيان‭ ‬القوي‭.‬

إنها‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أهم‭ ‬البلدان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق؛‭ ‬كونها‭ ‬مهبط‭ ‬الوحي،‭ ‬وقِبلة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬ونصف‭ ‬المليار‭ ‬نسمة‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬منتشرين‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬بقاع‭ ‬العالم،‭ ‬السعودية‭ ‬هي‭ ‬مهوى‭ ‬أفئدتنا‭ ‬جميعا‭ ‬نتوجه‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬صلواتنا‭ ‬ونوافلنا،‭ ‬وقد‭ ‬خصها‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بهذه‭ ‬الخاصية‭ ‬أنه‭ ‬جعلها‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬بلد‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬المواصفات‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬سويداء‭ ‬قلب‭ ‬كل‭ ‬مسلم،‭ ‬حفظها‭ ‬الله‭ ‬وقيادتها‭ ‬الرشيدة‭ ‬وشعبها‭ ‬الحبيب‭.‬

كُلما‭ ‬ذُكرت‭ ‬السعودية‭ ‬الشقيقة‭ ‬ذكرت‭ ‬معها‭ ‬البحرين‭ ‬نسبة‭ ‬للقرب‭ ‬الجغرافي‭ ‬والوجداني‭ ‬والعلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬والشعبين‭ ‬الشقيقين‭ ‬والتاريخ‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬المملكتين‭ ‬الشقيقتين‭ ‬ارتبطتا‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬سحيق‭ ‬بوشائج‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬صلات‭ ‬القربى‭ ‬والمحبة‭ ‬والمودة،‭ ‬ففي‭ ‬البحرين‭ ‬أقامت‭ ‬البيوت‭ ‬والعائلات‭ ‬النجدية‭ ‬وتجار‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬سعودية‭ ‬شتى‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الأحساء،‭ ‬وإلى‭ ‬المنطقة‭ ‬الشرقية‭ ‬توافدت‭ ‬الهجرات‭ ‬البحرينية‭ ‬طلبا‭ ‬للعمل‭ ‬والعلم،‭ ‬وكان‭ ‬التآخي‭ ‬في‭ ‬أجمل‭ ‬صوره‭ ‬في‭ ‬زيارات‭ ‬سابقة‭ ‬لملوك‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الملك‭ ‬المؤسس‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬بن‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬آل‭ ‬سعود،‭ ‬إلى‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ (‬عليهم‭ ‬جميعا‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭).‬

وفي‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬فإن‭ ‬صورة‭ ‬علاقات‭ ‬المحبة‭ ‬والمودة‭ ‬بين‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البحرين‭ ‬المفدى،‭ ‬وخادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬ملك‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬حفظهما‭ ‬الله،‭ ‬هي‭ ‬صُور‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الجمال‭ ‬وترتسم‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬ألوان‭ ‬الحب‭ ‬والتقدير،‭ ‬والتفاؤل‭ ‬بمستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬للبلدين‭ ‬الشقيقين‭ ‬برغم‭ ‬ما‭ ‬تكتنف‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬علاقات‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬المملكتين‭ ‬تشهد‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬إضافة‭ ‬جديدة‭ ‬يرتفع‭ ‬معها‭ ‬البنيان‭ ‬أكثر‭ ‬وتزداد‭ ‬التطلعات‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬والنتائج‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعبين‭ ‬وتدفع‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬تشعرنا‭ ‬دوما‭ ‬بالعمق‭ ‬الإستراتيجي‭ ‬للروابط‭ ‬والعلاقات‭ ‬الوطيدة‭ ‬والأبدية‭ ‬وبأننا‭ ‬في‭ ‬وطن‭ ‬واحد‭.‬

من‭ ‬المعالم‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬البحرينيين‭ ‬والسعوديين‭ ‬يأتي‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬الفهد‭ ‬مجسدا‭ ‬أسمى‭ ‬العلاقات‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬جسر‭ ‬مبني‭ ‬من‭ ‬الخرسانة‭ ‬والحديد‭ ‬الصلب،‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬شريان‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬قلبين‭ ‬على‭ ‬ضفتين،‭ ‬وقبله‭ ‬كان‭ ‬كانت‭ ‬إرادة‭ ‬الشعبين‭ ‬تتجاوز‭ ‬معاناة‭ ‬الإبحار‭ ‬في‭ ‬وصول‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬للآخر‭ ‬بتلك‭ ‬القوارب‭ ‬الصغيرة‭ ‬الحجم،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬كتب‭ ‬الشاعر‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬قصيدة‭ ‬جميلة‭ ‬احتفى‭ ‬بها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬والأدباء‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬المعالم‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬البلدين،‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬أهل‭ ‬السعودية‭ ‬والبحرين‭ ‬والخليج‭ ‬العربي‭ ‬قاطبة،‭ ‬ويقول‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أبياتها‭:‬

 

درب‭ ‬من‭ ‬العشق‭ ‬لا‭ ‬درب‭ ‬من‭ ‬الحجر‭ ‬

هذا‭ ‬الذي‭ ‬طار‭ ‬بالواحات‭ ‬للجزر

ساق‭ ‬الخيام‭ ‬إلى‭ ‬الشطآن‭ ‬فانزلقت‭ ‬

عبر‭ ‬المياه‭ ‬شراع‭ ‬أبيض‭ ‬الخفر

ماذا‭ ‬أرى؟‭ ‬زورق‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬مندفع‭ ‬

أم‭ ‬إنه‭ ‬جمل‭ ‬ما‭ ‬مل‭ ‬من‭ ‬سفر؟

وهذه‭ ‬أغنيات‭ ‬الغوص‭ ‬في‭ ‬أذني‭ ‬

أم‭ ‬الحداة‭ ‬شدوا‭ ‬بالشعر‭ ‬في‭ ‬السحر

واستيقظت‭ ‬نخلة‭ ‬وسنى‭ ‬توشوشني‭ ‬

مَنْ‭ ‬طوَّق‭ ‬النخل‭ ‬بالأصداف‭ ‬والدرر؟

نسيت‭ ‬أين‭ ‬أنا‭ ‬إن‭ ‬الرياض‭ ‬هنا‭ ‬

مع‭ ‬المنامة‭ ‬مشغولان‭ ‬بالسمر

 

الشاعر‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬السعودي‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬كان‭ ‬سفيرا‭ ‬لبلاد‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬العام‭ ‬1984،‭ ‬كتب‭ ‬قصيدة‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬تعلق‭ ‬بها،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬ذكريات‭ ‬جميلة،‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أبياتها‭:‬

 

بحرين‭! ‬هذا‭ ‬أوان‭ ‬الوصل‭ ‬فانسكبي

عليَّ‭ ‬بحرين‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬ومن‭ ‬رطب

تنفسي‭ ‬في‭ ‬شجوني‭ ‬وادخلي‭ ‬حُرَقي

واسترسلي‭ ‬في‭ ‬دمائي‭ ‬واسكني‭ ‬تعبي

وسافري‭ ‬في‭ ‬عيوني‭ ‬يا‭ ‬معذبتي‭ ‬

بالهجر‭.. ‬يا‭ ‬ظمأى‭ ‬المعطاء‭.. ‬يا‭ ‬سغبي

يا‭ ‬فرحتي‭.. ‬ورياح‭ ‬اليأس‭ ‬غاضبة‭ ‬

يا‭ ‬نشوتي‭.. ‬حين‭ ‬يذوى‭ ‬موسم‭ ‬العنب‭ ‬

 

إن‭ ‬احتفاء‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬باليوم‭ ‬الوطني‭ ‬السعودي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفعاليات‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يذكرنا‭ ‬بأن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬تفتح‭ ‬سفارة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنامة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1970‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬عام،‭ ‬وبعده‭ ‬كانت‭ ‬السعودية‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬تعترف‭ ‬باستقلال‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬1971‭ ‬مباشرة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تشكلت‭ ‬البدايات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬والثقافية،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تتنوع‭ ‬احتفالاتنا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬العزيزة،‭ ‬داعين‭ ‬دائما‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أن‭ ‬يدوم‭ ‬على‭ ‬السعودية‭ ‬عزها‭ ‬ومجدها‭ ‬تحت‭ ‬قيادتها‭ ‬الرشيدة،‭ ‬وأدام‭ ‬المحبة‭ ‬والمودة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين،‭ ‬ووفقهما‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬الأمة‭.‬

السعودية‭ ‬مهوى‭ ‬الأفئدة‭... ‬لك‭ ‬الحب‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬أوطانا‭ ‬وشطآني‭.‬