عندما تغتال المحاصصة كفاءات التكنوقراط... لبنان نموذجا

| بدور عدنان

وجدت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬المحاصصة‭ ‬حلاً‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬والاقتتال‭ ‬الداخلي‭ ‬الذي‭ ‬مرت‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬سابقة،‭ ‬حيث‭ ‬نصت‭ ‬دساتيرها‭ ‬صراحة‭ ‬على‭ ‬تقسيم‭ ‬سلطاتها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الطوائف‭ ‬والمذاهب‭ ‬المكونة‭ ‬لنسيجها‭ ‬المجتمعي‭ ‬كحل‭ ‬ارتأت‭ ‬حينها‭ ‬أنه‭ ‬شفيع‭ ‬بوقف‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬آنذاك،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬إشراك‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬تهميش‭ ‬فئة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬سبباً‭ ‬أساسيا‭ ‬لاشتعال‭ ‬الخلافات‭ ‬الداخلية‭.‬

ربما‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬مناسبا‭ ‬ومقبولا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬معينة‭ ‬وبنطاق‭ ‬سلطات‭ ‬محددة،‭ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نظرنا‭ ‬لواقع‭ ‬الحال‭ ‬اليوم‭ ‬فإن‭ ‬استماتة‭ ‬الأحزاب‭ ‬الممثلة‭ ‬لمكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬تسمية‭ ‬ممثلين‭ ‬عنها‭ ‬لمناصب‭ ‬ومراكز‭ ‬بعينها‭ ‬لا‭ ‬تنضوي‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬كان‭ ‬تحت‭ ‬مفهوم‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية،‭ ‬فذلك‭ ‬ما‭ ‬اجتمعت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬جميع‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬مطالبتها‭ ‬بحصة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬ضمان‭ ‬تمثيلها‭ ‬ومشاركتها‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬وتغليب‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للدولة،‭ ‬لكنه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬يرسم‭ ‬صورة‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬لكيفية‭ ‬استغلال‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬التحصل‭ ‬على‭ ‬مكتسبات‭ ‬ومغانم‭ ‬حزبية‭ ‬خاصة‭ ‬تخدم‭ ‬أجندات‭ ‬خارجية‭.‬

ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬اليوم‭ ‬باسم‭ ‬المحاصصة‭ ‬يعكس‭ ‬الجانب‭ ‬المظلم‭ ‬لهذا‭ ‬النظام‭ ‬وكيف‭ ‬استطاعت‭ ‬أحزاب‭ ‬مثل‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬الإرهابي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تمثيل‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬تحت‭ ‬قانون‭ ‬المحاصصة‭ ‬التي‭ ‬رضخت‭ ‬لها‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا‭ ‬التي‭ ‬صرح‭ ‬رئيسها‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الممكن‭ ‬تجاهل‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬كونه‭ ‬يملك‭ ‬تمثيلاً‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬اللبناني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذراعه‭ ‬السياسية‭ ‬حركة‭ ‬أمل‭ ‬الممثلة‭ ‬زعماً‭ ‬للمكون‭ ‬الشيعي‭ ‬اللبناني،‭ ‬وكيف‭ ‬استطاع‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اليوم‭ ‬وقف‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬بعد‭ ‬مطالبته‭ ‬بوزارة‭ ‬المالية‭ ‬تحت‭ ‬بند‭ ‬نصيبه‭ ‬من‭ ‬المحاصصة‭.‬

سلبيات‭ ‬المحاصصة‭ ‬اليوم‭ ‬باتت‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬إيجابياتها‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اتفقت‭ ‬الشعوب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إصلاح‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يشغل‭ ‬المواطن،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬يملك‭ ‬النزاهة‭ ‬والاختصاص‭ ‬والانتماء‭ ‬للوطن‭ ‬قبل‭ ‬الانتماء‭ ‬للحزب‭ ‬أو‭ ‬الطائفة‭.‬