117 عاماً بين الطاعون والكوليرا والأنفلونزا والملاريا والكورونا (1)

| د. حسين المهدي

أفاد‭ ‬موقع‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬في‭ ‬19‭/‬9‭/‬2020،‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬فحوصات‭ ‬كورونا‭ (‬COVID-19‭) ‬تجاوز‭ ‬المليون‭ ‬والثلث،‭ ‬وأن‭ ‬المتعافين‭ ‬57299،‭ ‬والحالات‭ ‬الجديدة‭ ‬620‭ ‬وحالات‭ ‬التعافي‭ ‬الإضافية‭ ‬599،‭ ‬والوفيات‭ ‬221،‭ ‬ما‭ ‬دفعني‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الأمراض‭ ‬الموثقة‭ ‬رقمياً‭ ‬وزمنياً،‭ ‬في‭ ‬117‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬1903‭ ‬حتى‭ ‬2020،‭ ‬من‭ ‬الطاعون‭ ‬بهجوماته‭ ‬الخمسة‭ (‬1903‭ - ‬1924‭)‬،‭ ‬والكوليرا‭ (‬1904‭)‬،‭ ‬والأنفلونزا‭ ‬الأسبانية‭ (‬1918‭)‬،‭ ‬والملاريا‭ (‬1937‭) ‬والأنفلونزا‭ ‬الآسيوية‭ (‬1957‭)‬،‭ ‬وانفلونزا‭ ‬الخنازير‭ (‬2009‭)‬،‭ ‬وأخيراً‭ ‬كورونا‭ (‬2020‭). ‬يغطي‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬وباء‭ ‬الطاعون‭ ‬والكوليرا،‭ ‬ثم‭ ‬الأنفلونزا‭ ‬بأنواعها‭ ‬الثلاثة‭ ‬والملاريا،‭ ‬وأخيراً،‭ ‬نركز‭ ‬على‭ ‬كورونا‭ ‬فيروس‭ (‬كوفيد‭- ‬19‭)‬،‭ ‬لاحقاً‭.‬

ظهر‭ ‬الطاعون‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬خمس‭ ‬مرات،‭ ‬في‭ (‬1903‭ - ‬1924‭). ‬فأشار‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬جوهر،‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬حاكم‭ ‬البحرين‭ ‬آنذاك‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬“لتعزيز‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الصحية‭ ‬منها‭ ‬وتسهيل‭ ‬دعم‭ ‬إقامة‭ ‬مستشفى‭ ‬ماسون‭ ‬التذكاري‭ (‬الإرسالية‭ ‬الأميركية‭) ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬وعلاج‭ ‬المصابين‭ ‬بالطاعون‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ (‬مايو‭- ‬يونيو‭ ‬1903‭)‬،‭ ‬ودعم‭ ‬إنشاء‭ ‬مستشفى‭ ‬فيكتوريا‭ ‬التذكاري‭ ‬في‭ ‬1905‭. ‬وأشارت‭ ‬“سجلات‭ ‬مستشفى‭ ‬الإرسالية‭ ‬الأميركية‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬600‭ ‬إصابة‭ ‬بالطاعون‭ ‬و301‭ ‬حالة‭ ‬وفاة”‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭.‬

ثم‭ ‬في‭ (‬أبريل‭- ‬سبتمبر‭ ‬1904‭) ‬ذكر‭ ‬الدكتور‭ ‬خليل‭ ‬رجب‭ ‬“أصيبت‭ ‬البحرين‭ ‬بوباء‭ ‬كوليرا”،‭ ‬وبلغ‭ ‬“عدد‭ ‬المصابين‭ ‬3000‭ ‬حالة،‭ ‬قضى‭ ‬منهم‭ ‬2000‭ ‬وأطلق‭ ‬الناس‭ ‬“سنة‭ ‬الرحمة”‭ (‬على‭ ‬1903‭ - ‬1904‭). ‬في‭ ‬العام‭ (‬1905‭) ‬عاد‭ ‬الطاعون‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬الهند،‭ ‬وكان‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬الداخلين‭ ‬للمستشفى‭ ‬400،‭ ‬بنسبة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الوفيات‭.‬‭ ‬ثم‭ ‬في‭ (‬أبريل‭ - ‬يوليو‭ ‬1907‭) ‬وللمرة‭ ‬الثالثة،‭ ‬“حلَّ‭ ‬باء‭ ‬طاعون‭ ‬كارثي‭ ‬بعدد‭ ‬مصابين‭ ‬بلغ‭ ‬3121،‭ ‬قضى‭ ‬فيها‭ ‬حوالي‭ ‬1889”،‭ ‬وفي‭ ‬بداية‭ (‬1911‭) ‬جاء‭ ‬الطاعون‭ ‬للمرة‭ ‬الرابعة،‭ ‬وذكر‭ ‬طبيب‭ ‬الإرسالية‭ ‬الأميركية‭ ‬ستانلي‭ ‬ميلري‭ ‬ما‭ ‬“يقارب‭ ‬500‭ ‬شخص‭ ‬ماتوا‭ ‬بسبب‭ ‬الطاعون،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬ليس‭ ‬كبيراً‭ ‬نسبياً،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ضخم‭ ‬جداً‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬البحرين”،‭ ‬وغاب‭ ‬الوباء‭ ‬سنوات‭ ‬عدة‭ ‬ليعاود‭ ‬الظهور‭ ‬للمرة‭ ‬الخامسة‭ ‬عام‭ ‬1924،‭ ‬مع‭ ‬تقديرات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4000‭ ‬وفاة‭ ‬بسببه‭. ‬

لاحظنا‭ ‬أن‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬جاء‭ ‬للبحرين‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬الأوبئة،‭ ‬كان‭ ‬أكثرها‭ ‬تكراراً‭ ‬وشراسة‭ ‬هو‭ ‬وباء‭ ‬الطاعون‭ ‬ووباء‭ ‬الكوليرا،‭ ‬وبسبب‭ ‬محدودية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭ ‬آنذاك،‭ ‬كانت‭ ‬الإصابات‭ ‬والوفيات‭ ‬كبيرة،‭ ‬وتمت‭ ‬أغلب‭ ‬العلاجات‭ ‬والإجراءات‭ ‬لمكافحة‭ ‬الأوبئة‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المواطنين،‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬سنراه‭ ‬لاحقاً‭.‬