مُلتقطات

“الموبايل”... في غرفة النوم!

| د. جاسم المحاري

أضحى‭ ‬الجهاز‭ ‬الصغير‭ - ‬الذي‭ ‬انتقل‭ ‬فيه‭ ‬الصوت‭ ‬البشري‭ ‬عبر‭ ‬الأسلاك‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬“جراهام‭ ‬بيل”‭ ‬عام‭ ‬1874م،‭ ‬أو‭ ‬بدون‭ ‬أسلاك‭ ‬عند‭ ‬“مارتن‭ ‬كوبر”‭ ‬عام‭ ‬1973م‭ - ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر،‭ ‬بمثابة‭ ‬الماء‭ ‬والهواء،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬أدمجت‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬كالمكالمات‭ ‬التليفونية‭ ‬والرسائل‭ ‬النصية‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬الكلمات‭ ‬والأرقام‭ ‬والوجوه‭ ‬التعبيرية،‭ ‬وإمكانية‭ ‬رفع‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬ومقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬والمعزوفات‭ ‬الموسيقية،‭ ‬وتزويده‭ ‬بالكاميرا‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬تصوير‭ ‬اللقطات‭ ‬المهمة،‭ ‬وخاصية‭ ‬تسجيل‭ ‬الصوت‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬بإرسال‭ ‬الرسائل‭ ‬المحكية،‭ ‬وكذا‭ ‬إرسال‭ ‬واستقبال‭ ‬رسائل‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬واستخدام‭ ‬تطبيقات‭ ‬التسوق‭ ‬والتواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬المستندات‭ ‬وكتابتها‭.. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تشغيل‭ ‬القنوات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬والتطبيقات،‭ ‬وضبط‭ ‬التذكيرات‭ ‬اليومية‭ ‬والتقويم‭ ‬الشخصي‭ ‬ودفتر‭ ‬الملاحظات‭ ‬والخرائط‭ ‬وتطبيقات‭ ‬البنوك‭ ‬والحوالات‭ ‬المصرفية‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬الأخبار‭ ‬والرياضة‭ ‬والأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬الأخرى‭.‬

جُلّ‭ ‬هذه‭ ‬الوظائف،‭ ‬إنْ‭ ‬تيسرت‭ ‬للفئة‭ ‬العمرية‭ ‬من‭ ‬البالغين‭ ‬والمراهقين‭ ‬دون‭ ‬رقابة‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬أو‭ ‬تقنين؛‭ ‬أوقعهم‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬في‭ ‬“قبضة”‭ ‬الإدمان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تفارقه‭ ‬أياديهم‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬تتلقفه‭ ‬عقولهم‭ ‬بلهفة‭ ‬قبل‭ ‬أياديهم‭ ‬بخفة‭! ‬بل‭ ‬ويجنّ‭ ‬جنونهم‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬فُقدَ‭ ‬أو‭ ‬سُحب،‭ ‬باعتباره‭ ‬الصاحب‭ ‬الذي‭ - ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬–‭ ‬يسلك‭ ‬طريقه‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬وبصورة‭ ‬يومية‭ ‬غرفة‭ (‬النوم‭!) ‬حينَ‭ ‬يحلّ‭ ‬المساء،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬يتوسدّ‭ ‬المنام‭ ‬إلى‭ ‬جانبهم‭ ‬حسب‭ ‬دراسة‭ ‬بريطانية‭ ‬حديثة‭ ‬أكدت‭ ‬إدمان‭ ‬استخدامه‭ ‬من‭ ‬البالغين‭ ‬بنسبة‭ ‬37‭ %‬،‭ ‬و60‭ % ‬عند‭ ‬المراهقين‭ ‬الذين‭ ‬عادةً‭ ‬ما‭ ‬يلجأون‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬واقعٍهم‭ ‬الخاص‭ ‬البديل‭ ‬عن‭ ‬واقعهم‭ ‬المُعاش‭ ‬عبْرَ‭ ‬خلق‭ ‬العوالم‭ ‬“الافتراضية”‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬حسابٍ‭ ‬شخصي،‭ ‬يعمدون‭ ‬فيه‭ ‬إعادة‭ ‬رسم‭ ‬صورتهم‭ ‬“الوهمية”‭ ‬المُغايرة‭ ‬لصورهم‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬تُوفر‭ ‬لهم‭ ‬الكمّ‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬حول‭ ‬العالم؛‭ ‬ليباتوا‭ ‬مستيقظين‭ ‬في‭ ‬عزلتهم‭ ‬الانفرادية‭ ‬ساعاتٍ‭ ‬متأخرةً‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الشاشة‭ ‬التي‭ ‬أبقت‭ ‬أدمغتهم‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬“العنف‭ ‬الإنترنتي”‭ ‬Cyber Bullying‭ ‬بأقصى‭ ‬حالات‭ ‬التأهب‭!‬

نافلة‭: ‬

بدا‭ ‬الهاتف‭ ‬النّقال‭ ‬“مسرح‭ ‬النشر‭ ‬والتوزيع”‭ ‬عند‭ ‬فئة‭ ‬البالغين‭ ‬والمراهقين‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬سواء‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬استبطن‭ ‬فضاء‭ ‬أمانه‭ ‬بخطر‭ ‬محدقٍ،‭ ‬يئنّ‭ ‬بصنوف‭ ‬الإيذاء‭ ‬الناقم‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬دون‭ ‬أنْ‭ ‬يشعروا،‭ ‬وبالممارسات‭ ‬الخاطئة‭ ‬مع‭ ‬ذويهم‭ ‬دون‭ ‬أنْ‭ ‬يدركوا‭ ‬تَبِعَات‭ ‬بقائه‭ ‬بين‭ ‬أيديهم‭ ‬طائل‭ ‬الوقت؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬عُدّ‭ ‬كارثةً‭ ‬أخلاقيةً‭ ‬واجتماعيةً،‭ ‬تستدعي‭ ‬الوقفة‭ ‬الحازمة‭ ‬التي‭ ‬تُمكنّ‭ ‬من‭ ‬إصلاح‭ ‬الضرر‭ ‬عاجلاً‭ ‬بالتوقف‭ ‬عن‭ ‬استخدامه‭ ‬لشهرين‭ ‬متواليين‭ ‬مع‭ ‬تقليل‭ ‬الوقت‭ ‬المخصص‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬المدة،‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬يومياً‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬دراسة‭ ‬كورية‭ ‬جنوبية‭ ‬مؤخراً‭.‬