البطلة السودانية عبير

| د. مصطفى السيد

تشرفت‭ ‬برئاسة‭ ‬الوفد‭ ‬الإغاثي‭ ‬المُكلف‭ ‬بإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإغاثية‭ ‬والمواد‭ ‬الطبية‭ ‬إلى‭ ‬الأشقاء‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬السودان‭ ‬الشقيقة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬‮١٤‬‭ ‬‭- ‬‮١٥‬‭ ‬سبتمبر‭ ‬‮٢٠٢٠‬‭ ‬وذلك‭ ‬بتوجيه‭ ‬كريم‭ ‬من‭ ‬سيدي‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬الرئيس‭ ‬الفخري‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬للأعمال‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وبقيادة‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ممثل‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬للأعمال‭ ‬الإنسانية‭ ‬وشؤون‭ ‬الشباب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬المؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬للأعمال‭ ‬الإنسانية؛‭ ‬للوقوف‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬محنتهم‭ ‬جراء‭ ‬السيول‭ ‬والفيضانات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬خلفت‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الموتى‭ ‬والجرحى‭ ‬والدمار،‭ ‬وقد‭ ‬رافقني‭ ‬خلال‭ ‬الزيارة‭ ‬الدكتور‭ ‬وليد‭ ‬المانع‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬وهو‭ ‬صديق‭ ‬حميم‭ ‬شارك‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الإغاثية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تكليفنا‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة،‭ ‬وكان‭ ‬آخرها‭ ‬زيارة‭ ‬لبنان‭.‬

وقد‭ ‬عبر‭ ‬جميع‭ ‬المسؤولين‭ ‬السودانيين‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماعات‭ ‬المتتالية‭ ‬التي‭ ‬عقدناها‭ ‬مع‭ ‬فخامة‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الانتقالي‭ ‬ووزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬والصحة‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬عن‭ ‬شكرهم‭ ‬وتقديرهم‭ ‬الكبير‭ ‬جدا‭ ‬لجلالة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المفدى‭ ‬وللحكومة‭ ‬ولشعب‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬وقوفهم‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭ ‬في‭ ‬محنته،‭ ‬في‭ ‬لقاءات‭ ‬سادتها‭ ‬أجواء‭ ‬المودة‭ ‬والمحبة‭ ‬والترحيب‭ ‬والتقدير،‭ ‬حيث‭ ‬دامت‭ ‬تلك‭ ‬الاجتماعات‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬وكما‭ ‬تم‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحافي‭ ‬لإيضاح‭ ‬الدور‭ ‬البحريني‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭.‬

وخلال‭ ‬الرحلة‭ ‬توجهت‭ ‬مع‭ ‬أخي‭ ‬الدكتور‭ ‬وليد‭ ‬المانع‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬القرى‭ ‬السودانية‭ ‬على‭ ‬ضفة‭ ‬النيل‭ ‬والمُدمرة‭ ‬بالكامل‭ ‬بسبب‭ ‬كارثة‭ ‬الفيضانات،‭ ‬حيث‭ ‬تركنا‭ ‬السيارات‭ ‬الرسمية‭ ‬وركبنا‭ ‬سيارات‭ ‬تصلح‭ ‬للسير‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬المتأثرة‭ ‬بالفيضانات‭ ‬مثل‭ ‬“سيارات‭ ‬الدفع‭ ‬الرباعي”‭ ‬والرحلة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬كانت‭ ‬مُتعبة‭ ‬جدًا،‭ ‬وكنت‭ ‬أطلب‭ ‬من‭ ‬السائق‭ ‬التأني‭ ‬لتجنب‭ ‬المطبات‭ ‬وواصلنا‭ ‬الرحلة‭ ‬ونظرًا‭ ‬لهذه‭ ‬الظروف‭ ‬تم‭ ‬تأجيل‭ ‬بعض‭ ‬الاجتماعات‭ ‬اللاحقة‭ ‬بسبب‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬لوعورة‭ ‬الطريق‭ ‬وبُعد‭ ‬المسافة‭.‬

وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬القرية‭ ‬المنكوبة‭ ‬برفقة‭ ‬الوفد‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬التي‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬التقاط‭ ‬الصور‭ ‬المعبرة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الساعة‭ ‬الثالثة‭ ‬ظهرًا‭ ‬وكانت‭ ‬حرارة‭ ‬الشمس‭ ‬حينها‭ ‬شديدة،‭ ‬ولم‭ ‬نشاهد‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬وصولنا‭ ‬أعداد‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬المتضررين،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬لحظات‭ ‬وأفواج‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬مقبلين‭ ...‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬إلا‭ ‬الملابس‭ ‬التي‭ ‬يرتدونها‭ ‬بسبب‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬خلفه‭ ‬الفيضان‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬مساكنهم‭ ‬وجميع‭ ‬ممتلكاتهم،‭ ‬وشاهدت‭ ‬حالة‭ ‬الناس‭ ‬والأطفال‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يفترشون‭ ‬الأرض‭ ‬بلا‭ ‬مأوى‭.‬

فكرت‭ ‬حينها‭ ‬أنهم‭ ‬يحظون‭ ‬بزيارات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬وفود‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تساعدهم،‭ ‬وقد‭ ‬تعوّدوا‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الانضباط‭ ‬والهدوء‭ ‬والأخلاق‭. ‬سألت‭ ‬المسؤولة‭ ‬التي‭ ‬ترافقنا‭: ‬“هل‭ ‬سبقنا‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬بزيارة‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬وزيارة‭ ‬المتضررين؟”‭. ‬قالت‭: ‬“لا،‭ ‬أنتم‭ ‬أول‭ ‬وفد‭ ‬إغاثي‭ ‬يقوم‭ ‬بزيارتنا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬المساعدات‭ ‬للموقع،‭ ‬فلذلك‭ ‬فإن‭ ‬الجميع‭ ‬مشتاق‭ ‬للالتقاء‭ ‬بكم”‭. ‬فحمدت‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬أكرمنا‭ ‬بأن‭ ‬نأخذ‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬لنكون‭ ‬الفوج‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬طلائع‭ ‬المبادرين‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدات،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬سجية‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬سجايا‭ ‬الخير‭ ‬لملك‭ ‬الخير‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬عوّدنا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬السباقين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقف‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الإغاثية‭ ‬لجميع‭ ‬الأشقاء‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المتضررة‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬النازحون‭ ‬يتحدثون‭ ‬معنا‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬وعزة‭ ‬نفس‭ ‬مع‭ ‬أنهم‭ ‬فقدوا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يملكون‭. ‬وأخبرناهم‭ ‬بأن‭ ‬مهمتنا‭ ‬نقل‭ ‬تحيات‭ ‬وترحم‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬والشعب‭ ‬البحريني‭ ‬وإيصال‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬لجميع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وليس‭ ‬للإعلام‭ ‬البحريني‭ ‬فقط‭ ‬لتوصيل‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬ومعاناتهم‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭. ‬هؤلاء‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬أحاطونا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وكأنه‭ ‬جيش‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الرومان،‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الهدوء‭ ‬والأريحية‭ ‬والرزانة‭.‬

واصلت‭ ‬تفقد‭ ‬القرية‭ ‬المنكوبة‭ ‬واستمعت‭ ‬بعمق‭ ‬وقد‭ ‬شدني‭ ‬حديث‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬والنساء‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬السواء،‭ ‬حيث‭ ‬أخذت‭ ‬أسألهم‭ ‬عن‭ ‬همومهم،‭ ‬وأقدم‭ ‬لهم‭ ‬الأمل‭ ‬بالفرج‭ ‬وتمنياتنا‭ ‬لهم‭ ‬بالصحة‭ ‬والعافية‭ ‬وعودة‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬نصابها‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭. ‬حاورنا‭ ‬الأطفال‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التوتر‭ ‬والخوف‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬وجوه‭ ‬البعض‭ ‬منهم،‭ ‬ولكنهم‭ ‬بحمد‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أحسوا‭ ‬باطمئنان‭ ‬كبير‭ ‬بعد‭ ‬الحديث‭ ‬معنا‭.‬

واصلت‭ ‬المسير‭ ‬وفجأة‭ ‬رأيت‭ ‬نفسي‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬تجمع‭ ‬الإعلاميين‭ ‬والوفد‭ ‬المرافق،‭ ‬حيث‭ ‬أخذت‭ ‬بالمشي‭ ‬لوحدي‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬المسير؟‭ ‬ولكن‭ ‬المسافة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بعيدة‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬100‭ ‬قدم‭ ‬خلف‭ ‬صف‭ ‬الأهالي،‭ ‬حيث‭ ‬لمحت‭ ‬امرأة‭ ‬نصف‭ ‬جسمها‭ ‬التحتي‭ ‬مشلول‭ ‬ومقعدة‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬متحرك‭ ‬محاطة‭ ‬بأربعة‭ ‬أو‭ ‬خمسة‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬أقاربها‭.. ‬شدني‭ ‬هذا‭ ‬المنظر‭ ‬واقتربت‭ ‬منها‭ ‬وسلّمت‭ ‬وحييتها‭ ‬وبدأت‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬معها‭. ‬أثناء‭ ‬الحديث‭ ‬لمحت‭ ‬ابتسامتها‭ ‬المعبرة‭ ‬المليئة‭ ‬بالتفاؤل‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬عجزها‭ ‬والظروف‭ ‬الحياتية‭ ‬المؤلمة‭ ‬المحيطة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬قوية‭ ‬الشخصية‭ ‬ذات‭ ‬حضور‭ ‬ملائكي،‭ ‬واثقة‭ ‬في‭ ‬كلامها،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تجلس‭ ‬بكل‭ ‬شموخ‭. ‬إنها‭ ‬البطلة‭ ‬السودانية‭ ‬“عبير”‭ ‬تلك‭ ‬الإنسانة‭ ‬المثقفة‭ ‬التي‭ ‬كافحت‭ ‬واجتهدت‭ ‬حتى‭ ‬أكملت‭ ‬دراستها‭ ‬الجامعية،‭ ‬فأخذني‭ ‬الشوق‭ ‬للاسترسال‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬معها‭ ‬حيث‭ ‬سألتها‭: ‬“كيف‭ ‬حدث‭ ‬الفيضان؟‭ ‬وأين‭ ‬كنتِ‭ ‬حينها؟”‭. ‬أجابت‭: ‬“حدث‭ ‬الفيضان‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬التاسعة‭ ‬ليلًا،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬بيتي‭ ‬وهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬بطبيعتها‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬فيها‭ ‬الكهرباء،‭ ‬فالظلام‭ ‬الدامس‭ ‬يخيم‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي”‭. ‬وأردفت‭ ‬قائلة‭: ‬“أحسست‭ ‬بأن‭ ‬الماء‭ ‬فوقنا‭ ‬ومنازلنا‭ ‬بدأت‭ ‬تتهدم‭ ‬على‭ ‬رؤوسنا،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬أفكر‭ ‬حينها‭ ‬في‭ ‬نفسي،‭ ‬كان‭ ‬همي‭ ‬الأول‭ ‬إنقاذ‭ ‬أمي‭ ‬وأبي‭ ‬لأنهما‭ ‬كبيران‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬وقد‭ ‬بذلت‭ ‬جهدًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬وشاقًا‭ ‬لكي‭ ‬أستطيع‭ ‬إنقاذهما‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬خطر‭ ‬الطوفان‭ ‬المهلك،‭ ‬وبحمد‭ ‬الله‭ ‬وتوفيقه‭ ‬استطعت‭ ‬ذلك‭ ‬وأوصلتهما‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان،‭ ‬وأكملت‭ ‬بعدها‭ ‬مساعدة‭ ‬الآخرين‭ ‬وأنا‭ ‬أحبو‭ ‬حبوا‭..‬”‭.‬

لقد‭ ‬تأثرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬بهذا‭ ‬الموقف‭ ‬المؤثر‭ ‬بالفعل‭ ‬لامرأة‭ ‬مقعدة‭ ‬ومكافحة‭ ‬لم‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬نفسها‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنقاذ‭ ‬من‭ ‬تحب‭. ‬وتذكرت‭ ‬حديث‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬“حب‭ ‬لأخيك‭ ‬ما‭ ‬تحبه‭ ‬لنفسك”‭. ‬إنها‭ ‬قصة‭ ‬ملهمة‭ ‬“للبطلة‭ ‬السودانية‭ ‬عبير”‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬مثلًا‭ ‬في‭ ‬الشجاعة،‭ ‬وتحدثت‭ ‬عن‭ ‬حياتها‭ ‬وكفاحها‭ ‬وإرادتها‭ ‬القوية‭ ‬لإتمام‭ ‬دراستها‭ ‬حتى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬البكالوريوس،‭ ‬وحدثتنا‭ ‬وكانت‭ ‬تعابير‭ ‬وجهها‭ ‬وهي‭ ‬تتحدث‭ ‬تحكي‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬المثقف‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬ينقذ‭ ‬حياته‭ ‬وحياة‭ ‬الآخرين‭ ‬بعلمه‭ ‬وهمته‭ ‬وحبه‭ ‬للخير‭. ‬فعبير‭ ‬لم‭ ‬تمنعها‭ ‬الإعاقة‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬مشوار‭ ‬النجاح‭ ‬والتميز‭. ‬والشيء‭ ‬الآخر‭ ‬الملفت‭ ‬للنظر‭ ‬أنها‭ ‬نسيت‭ ‬نفسها‭ ‬وأنقذت‭ ‬والديها‭ ‬برا‭ ‬وإحسانا‭ ‬بهما‭.‬

الدرس‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬تعلمناه‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬ومن‭ ‬رؤية‭ ‬البطلة‭ ‬عبير،‭ ‬أن‭ ‬نحمد‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬النعمة‭ ‬التي‭ ‬نحن‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬البحرين‭ ‬الغالية،‭ ‬وأن‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬أمننا‭ ‬ونعيش‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬وتعايش‭ ‬حقيقي‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬والدرس‭ ‬الآخر‭ ‬أننا‭ ‬تذوقنا‭ ‬المعنى‭ ‬الصحيح‭ ‬للعمل‭ ‬التطوعي،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬يواجه‭ ‬الكوارث‭ ‬لينقذ‭ ‬الآخرين‭ ‬ويخرج‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تجربة‭ ‬قاسية‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل،‭ ‬وبابتسامة‭ ‬قوية‭ ‬وثقة‭ ‬وإيمان‭ ‬بالله‭ ‬تعالى‭.‬

بالفعل‭ ‬إن‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭ ‬شعب‭ ‬عظيم‭ ‬بإيمانه‭ ‬بالله‭ ‬تعالى‭ ‬وثقته‭ ‬في‭ ‬نفسه،‭ ‬وبإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬بناء‭ ‬ما‭ ‬خلفته‭ ‬الفيضانات‭ ‬لقدرته‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.. ‬ونحمد‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أن‭ ‬أكرمنا‭ ‬بهذه‭ ‬الزيارة‭.‬