من الملف العتيد

| د. عبدالله الحواج

لم‭ ‬تكن‭ ‬الأرقام‭ ‬شديدة‭ ‬البأس‭ ‬أو‭ ‬قليلة‭ ‬الحيلة‭ ‬كي‭ ‬تُعبر‭ ‬عن‭ ‬وضع،‭ ‬أو‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬موقف،‭ ‬أو‭ ‬تتعاطى‭ ‬مع‭ ‬مشكلة،‭ ‬لكنها‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬ارتطمت‭ ‬برغبات‭ ‬ورغبات‭ ‬مضادة،‭ ‬بأفكار‭ ‬وأخرى‭ ‬على‭ ‬النقيض،‭ ‬بحالة‭ ‬مجتمعية‭ ‬تسعى‭ ‬لكي‭ ‬تُعبر‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬وأخرى‭ ‬تخترق‭ ‬الحواجز‭ ‬والمعطيات‭ ‬والاعتبارات‭ ‬مترامية‭ ‬الأطراف‭.‬

الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬مجالسه‭ ‬المتعاقبة‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬إلينا‭ ‬بقلب‭ ‬ملؤه‭ ‬الحب‭ ‬عن‭ ‬وحدة‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬عن‭ ‬شعبه‭ ‬المترابط‭ ‬الأبي،‭ ‬وعن‭ ‬أهدافه‭ ‬المحددة‭ ‬الثابتة،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬ثوابته‭ ‬الراسخة‭ ‬المتألقة،‭ ‬وكان‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬مداخلاته‭ ‬وتوجيهاته‭ ‬إلينا‭ ‬يؤكد‭ ‬إيمانه‭ ‬المطلق‭ ‬بأن‭ ‬الأوطان‭ ‬المتحدة‭ ‬الواعية‭ ‬بلحمة‭ ‬بني‭ ‬جلدتها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تجاوزت‭ ‬المؤامرات‭ ‬وانتصرت‭ ‬على‭ ‬المكائد‭ ‬والمهاترات،‭ ‬وتمكنت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬يدًا‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬معاول‭ ‬الهدم‭ ‬ومفاجآت‭ ‬الأيام‭ ‬الصعبة‭.‬

العالم‭ ‬يغرق‭ ‬في‭ ‬أدوات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وبلادنا‭ ‬تموج‭ ‬بتيارات‭ ‬ما‭ ‬أنزل‭ ‬الله‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬سلطان،‭ ‬خطابات‭ ‬تحريضية،‭ ‬طائفية،‭ ‬ضيقة،‭ ‬وحوارات‭ ‬تعمق‭ ‬الجروح،‭ ‬وتلوث‭ ‬النفوس،‭ ‬وتؤذي‭ ‬الأبدان،‭ ‬تضعنا‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬المحك،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬نسمو‭ ‬فوق‭ ‬اختلافاتنا‭ ‬الزائفة،‭ ‬وأما‭ ‬أن‭ ‬نغوص‭ ‬في‭ ‬التفتت‭ ‬والانقسام‭ ‬ونتوه‭ ‬في‭ ‬فوضي‭ ‬غياب‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المسؤولية‭ ‬ونفكر‭ ‬بروح‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬نجني‭ ‬الثمار،‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬نغرق‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬في‭ ‬مستنقع‭ ‬التردي،‭ ‬والانكفاء‭ ‬بل‭ ‬والانبطاح‭ ‬أمام‭ ‬التحديات،‭ ‬والانصياع‭ ‬خلف‭ ‬المغالطات،‭ ‬والانزلاق‭ ‬في‭ ‬منحدر‭ ‬الضبابية‭ ‬والتشرذم‭ ‬والضياع،‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬نفيق‭ ‬من‭ ‬سباتنا‭ ‬العميق،‭ ‬ونضع‭ ‬أيدينا‭ ‬في‭ ‬أيادي‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أيام‭ ‬أجمل‭ ‬لم‭ ‬نعشها‭ ‬بعد‭. ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬يبشر‭ ‬دائما‭ ‬بهذه‭ ‬الأيام،‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬شعبه‭ ‬بها،‭ ‬ليقترب‭ ‬شعبه‭ ‬منها‭ ‬وكله‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬غد‭ ‬أفضل،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬شفاه‭ ‬الله‭ ‬وعافاه‭ ‬يمضي‭ ‬على‭ ‬خطا‭ ‬التأهل‭ ‬بخطوات‭ ‬واثقة‭ ‬ثابتة‭ ‬مفعمة‭ ‬بالإيمان،‭ ‬بأن‭ ‬مواجهة‭ ‬مشاكسات‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬وقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬المغردين‭ ‬عليها‭ ‬والمحلقين‭ ‬في‭ ‬سماواتها‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬بحيث‭ ‬يفوت‭ ‬كل‭ ‬الفرص‭ ‬السانحة‭ ‬أمامها‭ ‬بهدف‭ ‬زعزعة‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬وسيلة‭ ‬وغاية‭ ‬لا‭ ‬تبرر‭ ‬الهجوم‭ ‬المغرض‭ ‬على‭ ‬كائن‭ ‬من‭ ‬كان،‭ ‬ولا‭ ‬تبشر‭ ‬أبدا‭ ‬بأن‭ ‬الذي‭ ‬ينزلق‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحماقات‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬نذير‭ ‬شوم‭ ‬ومعول‭ ‬خطر‭ ‬ينبغي‭ ‬مواجهته‭ ‬بمختلف‭ ‬وسائل‭ ‬التنوير‭ ‬بأن‭ ‬قوة‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬وحدته،‭ ‬ورخائه‭ ‬وازدهاره‭ ‬في‭ ‬تعاضد‭ ‬لحمته‭.‬

الملف‭ ‬العتيد‭ ‬عند‭ ‬التفتيش‭ ‬في‭ ‬مطارحاته‭ ‬ومخرجاته‭ ‬وجدت‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬بل‭ ‬والمفيد‭ ‬من‭ ‬سجايا،‭ ‬والكثير‭ ‬بل‭ ‬والمفيد‭ ‬من‭ ‬سجالات‭ ‬ووصايا،‭ ‬ثم‭ ‬الكثير‭ ‬بل‭ ‬والمفيد‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬يمكن‭ ‬البناء‭ ‬عليها‭ ‬عندما‭ ‬يصبح‭ ‬الرأي‭ ‬والرأي‭ ‬الآخر‭ ‬مجرد‭ ‬إشارة‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬لتنوع‭ ‬محمود‭ ‬وليس‭ ‬لأرقام‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬القسمة‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬مهاترات‭ ‬فاشلة‭ ‬على‭ ‬أدوات‭ ‬تواصل‭ ‬شديدة‭ ‬الارتباك؛‭ ‬لأنها‭ ‬تعشش‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توجيه،‭ ‬وتتحرك‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬بوصلة‭ ‬إرشاد،‭ ‬وتتمادى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نصيحة‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬والوطن‭.‬