لمحات

كلاهما مذمومان

| د.علي الصايغ

يعكف‭ ‬البعض‭ ‬طوال‭ ‬حياتهم‭ ‬المهنية‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬المال‭ ‬قدر‭ ‬المستطاع‭ ‬حتى‭ ‬بلوغهم‭ ‬سن‭ ‬التقاعد،‭ ‬خصوصا‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬موظفين‭ ‬أو‭ ‬عمالاً‭ ‬ذوي‭ ‬مستوى‭ ‬اقتصادي‭ ‬عادي،‭ ‬ومع‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬قد‭ ‬يتمكنون‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬مبلغ‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭.‬

وتختلف‭ ‬أوجه‭ ‬استثمار‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬بعد‭ ‬التوفير،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬أناس‭ ‬يعجزون‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬الادخار،‭ ‬وهم‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى،‭ ‬معتبرينه‭ ‬عملية‭ ‬صعبة،‭ ‬لا‭ ‬يفهمون‭ ‬مفاتيحها،‭ ‬أو‭ ‬يصعب‭ ‬عليهم‭ ‬العمل‭ ‬بقواعدها‭ ‬حتى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬بلوغ‭ ‬الهدف،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الارتفاع‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬الأسعار،‭ ‬وتصعب‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬المادية‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭.‬

كما‭ ‬يلتبس‭ ‬على‭ ‬كثيرين‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الاعتدال‭ ‬والقتر،‭ ‬والأخير‭ ‬هو‭ ‬التقليل‭ ‬في‭ ‬النفقة،‭ ‬ويجانب‭ ‬عدم‭ ‬الإسراف،‭ ‬وكلا‭ ‬الإسراف‭ ‬والقتر‭ ‬مذمومان،‭ ‬والشاهد‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬الإسراف،‭ ‬والاعتدال‭ ‬في‭ ‬الإنفاق،‭ ‬يختلف‭ ‬اختلافاً‭ ‬جذرياً‭ ‬عن‭ ‬القتر؛‭ ‬فالقتر‭ ‬هو‭ ‬التضييق‭ ‬والتقليل‭ ‬في‭ ‬النفقة‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬والأهل،‭ ‬وهو‭ ‬عمل‭ ‬ذميم‭ ‬لا‭ ‬تفقه‭ ‬عيبه‭ ‬الغالبية،‭ ‬أما‭ ‬ترشيد‭ ‬الإنفاق‭ ‬فهو‭ ‬عمل‭ ‬حميد‭ ‬بالطبع،‭ ‬نقيض‭ ‬للبخل‭ ‬والقتر‭.‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬تشترطه‭ ‬الفتاة‭ ‬في‭ ‬فارس‭ ‬أحلامها،‭ ‬هو‭ ‬ألا‭ ‬يتصف‭ ‬بالبخل؛‭ ‬إذ‭ ‬يرتبط‭ ‬اسم‭ ‬الرجل‭ ‬أكثر‭ ‬بصفة‭ ‬البخل،‭ ‬لأنه‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬تمويل‭ ‬الأسرة،‭ ‬وحتى‭ ‬الفتاة‭ ‬العاملة‭ ‬والمقتدرة،‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ترتبط‭ ‬ببخيل،‭ ‬ويشوب‭ ‬هذه‭ ‬المصطلحات‭ ‬والصفات‭ ‬عدم‭ ‬الوضوح؛‭ ‬فإن‭ ‬القتر‭ ‬قد‭ ‬يصعب‭ ‬التمييز‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الاعتدال،‭ ‬ويؤول‭ ‬ذلك‭ ‬أحياناً‭ ‬بالقاتر‭ ‬إلى‭ ‬التفاخر،‭ ‬باعتقاده‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬صواب،‭ ‬جاهلاً‭ ‬صفته‭ ‬الذميمة‭.‬