سوالف

القناعة والرضا بالمقسوم

| أسامة الماجد

كل‭ ‬الألبسة‭ ‬البشرية‭ ‬لا‭ ‬تساوي‭ ‬شيئا‭ ‬أمام‭ ‬“القناعة‭ ‬والرضا‭ ‬بالمقسوم”،‭ ‬فكلما‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬قنوعا‭ ‬بما‭ ‬لديه‭ ‬رفع‭ ‬حراب‭ ‬النصر‭ ‬والكبرياء‭ ‬وعاش‭ ‬سعيدا‭ ‬وستكون‭ ‬وجهته‭ ‬دائما‭ ‬نحو‭ ‬الحب،‭ ‬وعندما‭ ‬قيل‭ ‬للأديب‭ ‬هيرمان‭ ‬هيسه‭ ‬صاحب‭ ‬الرواية‭ ‬الخالدة‭ ‬“سدهارتا”‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬راض‭ ‬عن‭ ‬مشوارك‭ ‬الأدبي،‭ ‬أجاب‭.. ‬راض‭ ‬حتى‭ ‬ختام‭ ‬سباق‭ ‬الحياة،‭ ‬أما‭ ‬الشهير‭ ‬دايل‭ ‬كارنيجي‭ ‬فقد‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬القناعة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬كتبه،‭ ‬اخترت‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬لتكون‭ ‬معلقة‭ ‬فوق‭ ‬أبوابنا‭ ‬ونمزق‭ ‬الحزن‭ ‬ونعيش‭ ‬البهجة‭.. ‬بهجة‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬الله‭ ‬لنا‭. ‬

في‭ ‬يوم‭ ‬ما‭ ‬تعرض‭ ‬رجل‭ ‬لموقف‭ ‬غير‭ ‬حياته،‭ ‬وألصق‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬على‭ ‬المرآة‭ ‬حيث‭ ‬يمكنه‭ ‬قراءتها‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬“شعرت‭ ‬بالكآبة‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬حذاء‭ ‬لدي،‭ ‬حتى‭ ‬التقيت‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬رجلا‭ ‬لا‭ ‬ساقين‭ ‬لديه”‭. ‬وسؤل‭ ‬إدي‭ ‬ريكنباكر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أحسن‭ ‬درس‭ ‬تعلمه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بقائه‭ ‬21‭ ‬يوما‭ ‬في‭ ‬قارب‭ ‬النجاة‭ ‬مع‭ ‬رفاقه،‭ ‬تائهين‭ ‬بيأس‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الباسيفيكي،‭ ‬فقال‭..‬‭ ‬إن‭ ‬أكبر‭ ‬درس‭ ‬تعلمته‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التجربة‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تتذمر‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬لديك‭ ‬الماء‭ ‬والطعام‭ ‬الكافي‭.‬

ويذهب‭ ‬دايل‭ ‬كارنيغي‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ويقول‭.. ‬حوالي‭ ‬تسعين‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬صحيحة،‭ ‬وحوالي‭ ‬عشرة‭ ‬منها‭ ‬خطأ،‭ ‬فإن‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬سعداء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬علينا‭ ‬هو‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬التسعين‭ ‬بالمئة‭ ‬الصحيحة‭ ‬وتجاهل‭ ‬العشرة‭ ‬بالمئة‭ ‬الخطأ،‭ ‬وإن‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نقلق‭ ‬ونتألم‭ ‬ونصاب‭ ‬بقرحة‭ ‬المعدة،‭ ‬ما‭ ‬علينا‭ ‬سوى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العشرة‭ ‬بالمئة‭ ‬الخطأ‭ ‬وتجاهل‭ ‬التسعين‭ ‬الصحيحة،‭ ‬ومثلما‭ ‬يقول‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الألماني‭ ‬شوبنهاور،‭ ‬من‭ ‬النادر‭ ‬أن‭ ‬نفكر‭ ‬بما‭ ‬نملك،‭ ‬بل‭ ‬إننا‭ ‬نفكر‭ ‬بما‭ ‬ينقصنا،‭ ‬نعم،‭ ‬إن‭ ‬الميل‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أعظم‭ ‬مأساة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض،‭ ‬وربما‭ ‬تسبب‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بؤس‭ ‬يفوق‭ ‬البؤس‭ ‬الذي‭ ‬تسببه‭ ‬الحروب‭ ‬والأمراض‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭.‬

لقد‭ ‬جمع‭ ‬لوغان‭ ‬بيرسول‭ ‬سميث‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬قليلة‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬“هناك‭ ‬شيئان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تصبو‭ ‬إليهما‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬أولا‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تريد،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬التمتع‭ ‬به،‭ ‬ولا‭ ‬يتوصل‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ ‬الثاني‭ ‬إلا‭ ‬أكثر‭ ‬الناس‭ ‬حكمة‭.‬