العودة لحياتنا الطبيعية!

| عبدعلي الغسرة

قبل‭ ‬أن‭ ‬يغزو‭ ‬الكوفيد‭ ‬عالمنا‭ ‬كانت‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬من‭ ‬هواتف‭ ‬وحواسيب‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬قد‭ ‬باعدت‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬عائلاتنا‭ ‬وأهلنا‭ ‬وأقاربنا‭ ‬وأصدقائنا‭ ‬ومعارفنا‭ ‬وجيراننا،‭ ‬فتجمدت‭ ‬علاقتنا‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬وخارجه‭ ‬وقلت‭ ‬زياراتنا‭ ‬لذوينا‭ ‬وأهلنا‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬المناسبات،‭ ‬وبدأ‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بيننا‭ ‬منذُ‭ ‬أن‭ ‬حط‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الإلكتروني‭ ‬في‭ ‬أجهزتنا‭ ‬النقالة‭ ‬وغير‭ ‬النقالة،‭ ‬لذا،‭ ‬فليس‭ ‬الكوفيد‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬تباعدنا‭.‬

ونأمل‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬حياتنا‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والمجمعات‭ ‬والأسواق،‭ ‬وتبدأ‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنشآت‭ ‬أعمالها‭ ‬لتعود‭ ‬تنتج‭ ‬وتنتعش‭ ‬الأسواق‭ ‬ثانيةً‭ ‬بيعًا‭ ‬وشراء،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬ستعود‭ ‬حياتنا‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬الكوفيد؟‭ ‬قد‭ ‬تتغير‭ ‬حياتنا‭ ‬بموجب‭ ‬المعايير‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬الآن‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬سيلتزم‭ ‬الناس‭ ‬بثقافة‭ ‬التعقيم‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬والمؤسسات‭ ‬وسيكون‭ ‬الناس‭ ‬أكثر‭ ‬حذرًا‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة،‭ ‬وستكون‭ ‬الدول‭ ‬أكثر‭ ‬استعدادًا‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬أية‭ ‬أزمة‭ ‬صحية‭ ‬قادمة‭.‬

ويُقصد‭ ‬بعودة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬بعد‭ ‬انحسار‭ ‬الكوفيد‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬وضعها‭ ‬الطبيعي‭ ‬وإلى‭ ‬ممارسة‭ ‬عمله‭ ‬وأنشطته‭ ‬المعتادة‭ ‬لكن‭ ‬بسلوكيات‭ ‬تختلف‭ ‬قليلا‭ ‬عما‭ ‬سبق‭ ‬الكوفيد‭ ‬ــ‭ ‬ليست‭ ‬بمثالية‭ ‬لكنها‭ ‬أفضل‭ ‬قليلا‭ ‬ــ‭ ‬لنكون‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يشعرنا‭ ‬بالأمان‭ ‬وبحيث‭ ‬لا‭ ‬يصيب‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬الشلل،‭ ‬وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬القلق‭ ‬والمخاوف‭ ‬ولكن‭ ‬بحذرٍ‭ ‬شديد،‭ ‬والجميع‭ ‬سيواجه‭ ‬تحديات‭ ‬جسيمة‭ ‬وعليهم‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمواجهتها،‭ ‬والتحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬سيكون‭ ‬بالالتزام‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬الفيروس‭ ‬يزداد‭ ‬شراسة،‭ ‬وأن‭ ‬اللامبالاة‭ ‬وعدم‭ ‬الالتزام‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬والأعداد‭ ‬المليونية‭ ‬تتزايد‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬الآخر،‭ ‬والإدارات‭ ‬الصحية‭ ‬والعلماء‭ ‬مازالوا‭ ‬في‭ ‬كرٍ‭ ‬وفرٍ‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬علاج‭ ‬ناجع‭ ‬ومنج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬تباطؤ‭ ‬خطى‭ ‬التجارب‭ ‬واللقاحات‭ ‬وعدم‭ ‬تواكب‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬العالم‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬شحذ‭ ‬مهاراته‭ ‬والتمسك‭ ‬بقدرته‭ ‬بالتفوق‭ ‬على‭ ‬الكوفيد‭ ‬للتقليل‭ ‬من‭ ‬انتشاره‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭ ‬كما‭ ‬قضى‭ ‬سابقًا‭ ‬على‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الأوبئة‭ ‬القاتلة‭.‬