دروس من القادة

| د.حورية الديري

نقترب‭ ‬اليوم‭ ‬جميعًا‭ ‬للوقوف‭ ‬أمام‭ ‬نمط‭ ‬قيادي‭ ‬متميز،‭ ‬نتعلمه‭ ‬بكل‭ ‬احترافية،‭ ‬وهو‭ ‬فن‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬القيادة‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬التغيير‭ ‬حسب‭ ‬تداعيات‭ ‬الموقف‭ ‬والظروف،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬أصعب‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تثبت‭ ‬جدارة‭ ‬القيادة‭ ‬الواعية‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬جاهزية‭ ‬سيناريوهات‭ ‬عدة‭ ‬للحدث‭ ‬ذاته،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مؤشراته‭ ‬متفاوتة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬ظروف‭ ‬مفاجئة‭ ‬متغيرة‭ ‬ومدى‭ ‬قابلية‭ ‬صياغة‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الأمان‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬ودقيق،‭ ‬والتي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الاستعداد‭ ‬التام‭ ‬والقدرة‭ ‬العالية‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬المخاطر‭ ‬وقياس‭ ‬التأثيرات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬سيناريو‭. ‬قياسًا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يعتبر‭ ‬الإجراء‭ ‬المتخذ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬قائد‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬‮١٩‬‭) ‬بتأجيل‭ ‬افتتاح‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬للعام‭ ‬الدراسي‭ ‬‮٢٠٢٠‬‭ - ‬‮٢٠٢١‬‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ازدياد‭ ‬عدد‭ ‬الحالات‭ ‬القائمة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬الاحترازية‭ ‬لدوام‭ ‬الهيئات‭ ‬الإدارية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والطلابية‭ ‬مع‭ ‬الدمج‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬القيادية‭ ‬الحكيمة‭ ‬وفرضًا‭ ‬ضروريًا‭ ‬ألزمه‭ ‬الواقع‭ ‬وتطورات‭ ‬الحدث‭ ‬وتأثيراته‭ ‬المتوقعة،‭ ‬إذ‭ ‬جعلت‭ ‬القائد‭ ‬يباشر‭ ‬بسرعة‭ ‬التغيير‭ ‬وفقًا‭ ‬للظرف‭ ‬المتغير‭ ‬ذاته،‭ ‬وأعاد‭ ‬تغيير‭ ‬مسار‭ ‬فريقه‭ ‬نحو‭ ‬مسار‭ ‬آخر‭ ‬وفقا‭ ‬لمتطلبات‭ ‬الحدث‭. ‬تأملوا‭ ‬معي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الواقعية‭ ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬احترافية‭ ‬تطبيق‭ ‬نمط‭ ‬القيادة‭ ‬الظرفية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬مسؤولين‭ ‬ومواطنين،‭ ‬وهو‭ ‬نمط‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬الحاسم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القائد‭ ‬وفق‭ ‬المقتضيات‭ ‬والمعطيات،‭ ‬لذلك‭ ‬شهد‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬حالة‭ ‬اضطرارية‭ ‬عولجت‭ ‬بمرونة‭ ‬تامة،‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬أراها‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬ترسيخ‭ ‬عدة‭ ‬مفاهيم‭ ‬قيادية‭ ‬إن‭ ‬أوجزناها‭ ‬ستكون‭ ‬لنا‭ ‬مقياسًا‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬حياتنا،‭ ‬لأنه‭.. ‬وأعني‭ ‬هنا‭ ‬ذلك‭ ‬النمط‭ ‬القيادي‭ ‬المتميز‭ ‬قد‭ ‬ظهر‭ ‬لنا‭ ‬واضحًا‭ ‬قبل‭ ‬سويعات‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬تأجيل‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭. ‬لذلك‭ ‬فالدرس‭ ‬هنا‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬معناه‭ ‬إن‭ ‬تأمله‭ ‬القادة‭ ‬والمسؤولون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقع،‭ ‬فكل‭ ‬خطة‭ ‬مهما‭ ‬كلفت‭ ‬من‭ ‬إمكانيات‭ ‬هناك‭ ‬متطلب‭ ‬أساسي‭ ‬وهو‭ ‬عنصر‭ ‬المرونة‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬القرارات‭ ‬بعد‭ ‬دراسة‭ ‬آثارها‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتضح‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬تنفيذها‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬مستوى‭ ‬الاستعداد‭ ‬لها،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬الخبرة‭ ‬الكافية‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬نمط‭ ‬القيادة‭ ‬الظرفية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬مستوى‭ ‬النظرة‭ ‬الشمولية‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬القائد‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬توازن‭ ‬الفريق‭ ‬والثقة‭ ‬التامة‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬القيادة‭ ‬المستمر‭.‬