ستة على ستة

البدانة بين الجائحة العالمية والواجبات العائلية

| عطا السيد الشعراوي

امتلأ‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬بالمتخصصين‭ ‬وأشباه‭ ‬المتخصصين‭ ‬الذين‭ ‬يتحدثون‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬والقضايا‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬موضوعات‭ ‬حساسة‭ ‬تتعلق‭ ‬بصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬ونمط‭ ‬حياته‭ ‬ومعيشته،‭ ‬الكل‭ ‬يفتي‭ ‬بما‭ ‬يعلم‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يملكه‭ ‬هو‭ ‬كتاب‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬بضعة‭ ‬مقالات‭ ‬قرأها،‭ ‬أو‭ ‬رأي‭ ‬استمع‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬“خبراء”‭ ‬عالميين،‭ ‬والضحية‭ ‬دائمًا‭ ‬من‭ ‬يثقون‭ ‬في‭ ‬هؤلاء‭ ‬ويطبقون‭ ‬ما‭ ‬يقولون‭ ‬حرفيًا،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬العلاج‭ ‬قد‭ ‬يختلف‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬لأخرى‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬التشخيص‭ ‬واحدًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬ينتبه‭ ‬إليه‭ ‬الكثيرون‭ ‬ممن‭ ‬يفتون‭ ‬أو‭ ‬ممن‭ ‬يتلقون‭ ‬عنهم‭.‬

والدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬تبنى‭ ‬وفق‭ ‬أسس‭ ‬ومعايير‭ ‬لكي‭ ‬تخلص‭ ‬لنتائج‭ ‬صحيحة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬باتت‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬الحيرة‭ ‬والغموض،‭ ‬فلا‭ ‬تكاد‭ ‬تظهر‭ ‬دراسة‭ ‬بنتائج‭ ‬معينة‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬ما،‭ ‬إلا‭ ‬وتظهر‭ ‬دراسات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬مغاير‭ ‬وبنتائج‭ ‬معكاسة،‭ ‬وكمثال‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬صحيفة‭ ‬“نوفوستي”‭ ‬الروسية‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عندما‭ ‬شبهت‭ ‬“البدانة”‭ ‬أو‭ ‬السمنة‭ ‬بأنها‭ ‬جائحة‭ ‬عالمية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الأخطار‭ ‬المتزايدة‭ ‬لها،‭ ‬كالإصابة‭ ‬بأمراض‭ ‬السكري‭ ‬والقلب‭ ‬والسرطان،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬إحصائيات‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬السمنة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬المتطورة‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬المجاعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ (‬130‭ ‬مليون‭ ‬إنسان‭ ‬بنهاية‭ ‬2020م‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬الظروف‭ ‬الحياتية‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬لثلاثة‭ ‬مليارات‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بتناول‭ ‬الغذاء‭ ‬الصحي،‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬لزيادة‭ ‬الوزن‭ ‬والسمنة،‭ ‬ويعد‭ ‬بمثابة‭ ‬وباء‭ ‬جديد،‭ ‬سيكلف‭ ‬نحو‭ ‬1‭.‬3‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬كنفقات‭ ‬طبية‭.‬

بنفس‭ ‬التوقيت‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬المقابل،‭ ‬خلصت‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭ ‬نشرتها‭ ‬صحيفة‭ ‬“ديلي‭ ‬ميل”‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬أجسام‭ ‬ممتلئة‭ ‬نسبيًا‭ ‬يعدون‭ ‬آباءً‭ ‬أفضل‭ ‬وأكثر‭ ‬إخلاصا‭ ‬ودفئًا‭ ‬والتزاما‭ ‬بالعائلة‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬كتلة‭ ‬عضلية‭ ‬كبيرة‭ ‬وأجسام‭ ‬متناسقة‭ ‬ومنحوتة،‭ ‬واصفة‭ ‬الصنف‭ ‬الأخير‭ ‬بأن‭ ‬قدراتهم‭ ‬الأبوية‭ ‬سلبية،‭ ‬ولا‭ ‬يلتزمون‭ ‬بزيجاتهم‭.‬

نحن‭ ‬أمام‭ ‬كم‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يستحيل‭ ‬معها‭ ‬الخروج‭ ‬بحكم‭ ‬مؤكد‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬قضية،‭ ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬التسليم‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬نسمعه‭ ‬أو‭ ‬نقرأه‭ ‬دون‭ ‬تمحيص‭ ‬والرجوع‭ ‬إلى‭ ‬ذوي‭ ‬الاختصاص‭.‬