“النعمة زوالة”

| زهير توفيقي

قال‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ (‬وَلا‭ ‬تُبَذِّرْ‭ ‬تَبْذِيراً‭ ‬إِنَّ‭ ‬الْمُبَذِّرِينَ‭ ‬كَانُوا‭ ‬إِخْوَانَ‭ ‬الشَّيَاطِينِ‭ ‬وَكَانَ‭ ‬الشَّيْطَانُ‭ ‬لِرَبِّهِ‭ ‬كَفُوراً‭)... ‬تناقل‭ ‬كثيرون‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬خبر‭ ‬عائلة‭ ‬من‭ ‬جالية‭ ‬عربية‭ ‬وهي‭ ‬تحتفل‭ ‬بمعرفة‭ ‬جنس‭ ‬مولودها،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬النبأ‭ ‬السار‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬إعلان‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الأبراج،‭ ‬وقد‭ ‬ذكرت‭ ‬تلك‭ ‬المواقع‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬الإعلان‭ ‬35‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭... ‬وهنا‭ ‬مربط‭ ‬الفرس،‭ ‬اللهم‭ ‬لا‭ ‬حسد‭ - ‬ربي‭ ‬احفظ‭ ‬للوالدين‭ ‬هذا‭ ‬الجنين‭ ‬واجعله‭ ‬من‭ ‬الذرية‭ ‬الصالحة‭ - ‬وقد‭ ‬يقول‭ ‬أحدهم‭ ‬إنها‭ ‬حرية‭ ‬شخصية‭ ‬أو‭ ‬شأن‭ ‬خاص،‭ ‬والعائلة‭ ‬ميسورة‭ ‬وتستطيع‭ ‬تحمل‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ،‭ ‬ولهؤلاء‭ ‬أقول‭ ‬استرشدوا‭ ‬بالآية‭ ‬القرآنية‭ ‬أعلاه‭ ‬وحينئذ‭ ‬تفقهون‭ ‬جيدًا‭. ‬بالله‭ ‬عليكم،‭ ‬ألا‭ ‬تتفقون‭ ‬معي‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يمثل‭ ‬سوء‭ ‬تصرف‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬العائلة‭ ‬تملك‭ ‬مناجم‭ ‬من‭ ‬الذهب‭.‬

هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬قد‭ ‬يملكون‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الشخص،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنهم‭ ‬يتصرفون‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬بعدم‭ ‬مراعاة‭ ‬مشاعر‭ ‬الطبقة‭ ‬الفقيرة‭ ‬والمعدومة،‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬فتات‭ ‬الخبز‭ ‬لسد‭ ‬جوعها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭. ‬ولما‭ ‬كانت‭ ‬النعم‭ ‬قد‭ ‬تتعرض‭ ‬للزوال،‭ ‬أرشدَنا‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬إلى‭ ‬الطرق‭ ‬والوسائل‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬نحفظ‭ ‬نعم‭ ‬الله‭ ‬علينا،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬دعائه‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ (‬اللهم‭ ‬إني‭ ‬أعوذ‭ ‬بك‭ ‬من‭ ‬زوال‭ ‬نعمتك‭).‬

ليعذرني‭ ‬القارئ‭ ‬الكريم‭ ‬على‭ ‬ردة‭ ‬فعلي‭ ‬الشديدة‭ ‬على‭ ‬مقطع‭ ‬الفيديو‭ ‬الذي‭ ‬هز‭ ‬بدني‭ ‬ولم‭ ‬أستطع‭ ‬أن‭ ‬أتمالك‭ ‬أعصابي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬والأسلوب،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬قد‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬هكذا،‭ ‬أين‭ ‬هم‭ ‬عائلته‭ ‬وعائلة‭ ‬زوجته،‭ ‬ألم‭ ‬يكن‭ ‬الأجدر‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يقبلوا‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭. ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬الضخم‭ ‬الذي‭ ‬صرف‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬دقائق‭ ‬وذهب‭ ‬هباء‭ ‬منثورًا،‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬الفقراء‭ ‬والمحتاجين‭ ‬سيستفيدون‭ ‬منه،‭ ‬وكم‭ ‬سينقذ‭ ‬من‭ ‬الموت‭.‬

من‭ ‬روائع‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ (‬عليه‭ ‬السلام‭) ‬“النوم‭ ‬سلطان‭ ‬لا‭ ‬يرفض‭ ‬له‭ ‬أمر‭... ‬الجوع‭ ‬كافر‭ ‬لا‭ ‬يرحم‭ ‬أحدا’’،‭ ‬أقول‭ ‬أحسنوا‭ ‬إلى‭ ‬الناس‭ ‬فالله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬سيزيدكم‭ ‬خيرًا‭ ‬وينعم‭ ‬عليكم‭ ‬بالصحة‭ ‬والعافية،‭ ‬فمساعدة‭ ‬المحتاجين‭ ‬لها‭ ‬مكانة‭ ‬عظيمة‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهي‭ ‬عبادة‭ ‬يحتسب‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬الأجر‭ ‬والثواب‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬ولابد‭ ‬لعمل‭ ‬الخير‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬نية‭ ‬خالصة‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬الشخصية‭ ‬كالرياء‭ ‬أو‭ ‬طلب‭ ‬الثناء،‭ ‬ومن‭ ‬الأحاديث‭ ‬الشريفة‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬الخير‭ ‬وفضله‭ ‬قوله‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ (‬من‭ ‬نفس‭ ‬عن‭ ‬مؤمن‭ ‬كربة‭ ‬من‭ ‬كرب‭ ‬الدنيا‭ ‬نفس‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬كربة‭ ‬من‭ ‬كرب‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬ومن‭ ‬يسر‭ ‬على‭ ‬معسر‭ ‬يسر‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‭). ‬أتمنى‭ ‬من‭ ‬القلب‭ ‬أن‭ ‬يتعظ‭ ‬الناس‭ ‬وأن‭ ‬يشكروا‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬النعم‭ ‬ويعلموا‭ ‬أبناءهم‭ ‬عمل‭ ‬الخير‭.‬