زبدة القول

جريدة تشارلي إبدو والإساءة لمشاعر المسلمين

| د. بثينة خليفة قاسم

عندما‭ ‬سئل‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬مانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬جريدة‭ ‬تشارلي‭ ‬إبدو‭ ‬بإعادة‭ ‬نشر‭ ‬الرسوم‭ ‬المسيئة‭ ‬للرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬برر‭ ‬ذلك‭ ‬بحرية‭ ‬الرأي،‭ ‬أو‭ ‬بحرية‭ ‬التجديف،‭ ‬ولم‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬إيذاء‭ ‬مشاعر‭ ‬ملايين‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭! ‬فهل‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬مسألة‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬مصراعيها‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬حدود‭ ‬أو‭ ‬ضوابط‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬نتائجها‭ ‬ومهما‭ ‬كانت‭ ‬أضرارها‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

عندما‭ ‬نشرت‭ ‬هذه‭ ‬الجريدة‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠١٥‬‭ ‬تعرضت‭ ‬لهجوم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المتطرفين،‭ ‬وراح‭ ‬ضحية‭ ‬الهجوم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬بها،‭ ‬وخلال‭ ‬ملابسات‭ ‬وتداعيات‭ ‬ذلك‭ ‬الحدث‭ ‬عرف‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬الجريدة‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتطرفين‭ ‬ليسوا‭ ‬كل‭ ‬المسلمين،‭ ‬ولا‭ ‬يمثلون‭ ‬سوى‭ ‬قلة‭ ‬متطرفة‭ ‬تؤمن‭ ‬بالعنف،‭ ‬فلماذا‭ ‬تصر‭ ‬هذه‭ ‬الجريدة‭ ‬على‭ ‬إيذاء‭ ‬مشاعر‭ ‬أغلبية‭ ‬إسلامية‭ ‬لا‭ ‬تؤمن‭ ‬بالعنف‭ ‬ولا‭ ‬تؤيده؟‭ ‬

فهل‭ ‬الهدف‭ ‬والرسالة‭ ‬التي‭ ‬توجهها‭ ‬الجريدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم‭ ‬الإسلام‭ ‬ككل‭ ‬أم‭ ‬نبذ‭ ‬العنف؟

الواضح‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجريدة‭ ‬تريد‭ ‬الإساءة‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إساءتها‭ ‬لرسول‭ ‬الإسلام،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬تنشره‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬محاربة‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬تنبذه‭ ‬غالبية‭ ‬المسلمين،‭ ‬ولكنه‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬يغذي‭ ‬هذا‭ ‬العنف‭ ‬ويعطي‭ ‬الأقلية‭ ‬القليلة‭ ‬من‭ ‬أرباب‭ ‬العنف‭ ‬المبرر‭ ‬الفرصة‭ ‬للقيام‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬القتل،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬تنتجه‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بالمقدسات‭ ‬والرموز‭ ‬الدينية؟‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬على‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬أو‭ ‬منفعة‭ ‬من‭ ‬مسألة‭ ‬الإساءة‭ ‬لمقدسات‭ ‬أمة‭ ‬من‭ ‬الأمم؟‭.‬