مُلتقطات

في “الطلاق”... شتات أُسر!

| د. جاسم المحاري

تظهر‭ ‬انعكاسات‭ ‬آثاره‭ ‬العقلية‭ ‬والعاطفية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬كليهما‭ - ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬الصدمات‭ ‬وتذبذب‭ ‬القرارات‭ ‬وتداعي‭ ‬الشكوك‭ ‬واليأس‭ ‬وتباعث‭ ‬الاكتئاب‭ ‬والانعزال‭ ‬وترامي‭ ‬الإحباط‭ ‬والتذمر‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬انعدام‭ ‬الثقة‭ ‬وفقدان‭ ‬التوازن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاستقرار‭ ‬الأسري‭ ‬وتحمّل‭ ‬التبعات‭ ‬ودفع‭ ‬النفقات‭ ‬بالنسبة‭ ‬للرجل‭ ‬خصوصاً‭. ‬فيما‭ ‬يخلق‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬منعطفات‭ ‬مؤلمة‭ ‬للمرأة‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬تفيض‭ ‬حياتها‭ ‬بالشرود‭ ‬والتعاسة‭ ‬وزيادة‭ ‬الأعباء؛‭ ‬لعلّة‭ ‬النظرة‭ ‬المجتمعية‭ ‬السلبية‭ ‬حول‭ ‬سلوكياتها‭ ‬وأخلاقياتها‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬وَقْعُ‭ ‬الضّرر،‭ ‬أشدّ‭ ‬إيلاماً‭ ‬على‭ ‬الأولاد؛‭ ‬لما‭ ‬يتمخض‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬نفسية‭ ‬جسيمة‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬وتمزيق‭ ‬الأوصال‭ ‬وانعدام‭ ‬الهوية‭ ‬وشيوع‭ ‬السلوك‭ ‬العدواني،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تداعياته‭ (‬المدمّرة‭) ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬المجتمعي‭ ‬وإشاعته‭ ‬الانحلال‭ ‬الخلقي‭ ‬والتفكك‭ ‬الأسري‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬مشحونة‭ ‬بالاقتتال‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬والتناحر‭ ‬في‭ ‬قاعات‭ ‬التقاضي‭! ‬

وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬لسنا‭ ‬بمنأى‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬المُحدق‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬ينخر‭ ‬في‭ ‬كيان‭ ‬كل‭ ‬التجّمعات‭ ‬البشرية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬أظهرت‭ ‬سجلات‭ ‬المحاكم‭ ‬المحلية‭ ‬اضطراد‭ ‬نسب‭ ‬معدلات‭ ‬الطلاق،‭ ‬فضلاً‭ ‬عمّا‭ ‬دلّت‭ ‬عليه‭ ‬إحصائياته‭ ‬مؤخراً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالقضايا‭ ‬والمعاملات‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬الدائرتين‭ ‬السنية‭ ‬والجعفرية،‭ ‬والتي‭ ‬حملَت‭ ‬في‭ ‬طيّاتها‭ ‬أمراضا‭ ‬اجتماعية‭ ‬خطيرة،‭ ‬كشفت‭ ‬بعض‭ ‬تفاصيلها‭ - ‬منذ‭ ‬قرابة‭ ‬العقد‭ - ‬تصدّر‭ ‬البحرين‭ ‬للمرتبة‭ ‬الرابعة‭ ‬خليجياً‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الطلاق‭! ‬ففي‭ ‬الوقتِ‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تصدر‭ ‬فيه‭ ‬وثائق‭ ‬زواج،‭ ‬يقابلها‭ ‬عدد‭ (‬مهول‭) ‬من‭ ‬وثائق‭ ‬طلاق؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يستدعي‭ ‬“خارطة‭ ‬طريق”‭ ‬لتوعية‭ ‬الأسر‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ (‬حمم‭) ‬صراع‭ ‬الأدوار‭ ‬وطغيان‭ ‬الشخصنة‭ ‬ونزعة‭ ‬التنافسية‭ ‬بإقامة‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الموجهة‭ ‬وورش‭ ‬العمل‭ ‬الإرشادية‭ ‬وتنظيم‭ ‬المحاضرات‭ ‬الوعظية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدارة‭ ‬زوجية‭ ‬ناجحة‭ ‬تسودها‭ ‬المودة‭ ‬والرحمة‭.‬

نافلة‭:‬

خطوة‭ ‬إنشاء‭ ‬“مكتب‭ ‬التوفيق‭ ‬الأسري”‭ ‬بمعية‭ ‬“قانون‭ ‬الوساطة”‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭ ‬بتشكيلته‭ ‬التي‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬باحثين‭ ‬شرعيين‭ ‬واجتماعيين‭ ‬ونفسانيين؛‭ ‬بدت‭ ‬من‭ ‬الضرورات‭ (‬الملّحة‭) ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر‭ ‬بعد‭ ‬استفحال‭ ‬الأمر‭ ‬وتعقّد‭ ‬إصلاح‭ ‬ذات‭ ‬البين‭ ‬في‭ ‬الأسر‭ ‬التي‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تتعرض‭ ‬وبصورة‭ ‬شبه‭ ‬يومية‭ ‬لضربات‭ ‬معاول‭ ‬الهدم‭ ‬القاتلة‭ ‬لها،‭ ‬وهزّات‭ ‬الضياع‭ ‬الحتمية‭ ‬لأبنائها‭! ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬يلعبه‭ ‬“مركز‭ ‬دعم‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية”‭ ‬التابع‭ ‬للمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬حديثي‭ ‬الزواج‭ ‬وتأكيده‭ ‬على‭ ‬حزمة‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬في‭ ‬دليل‭ ‬المقبلين‭ ‬على‭ ‬الزواج؛‭ ‬جاء‭ ‬ليُترجم‭ ‬واقعية‭ ‬مضامين‭ ‬الشراكة‭ ‬والمشاركة‭ ‬واستشعار‭ ‬المسؤولية‭ ‬التي‭ ‬تُغلّب‭ ‬العقل‭ ‬وتضبط‭ ‬النفس‭ ‬وتُجنّب‭ ‬الفجوات‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭.‬