ستة على ستة

عودة الطلاب للمدارس بين اليونسكو والصحة العالمية

| عطا السيد الشعراوي

يبدو‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬أفرغت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬جعبتها‭ ‬من‭ ‬تحذيرات‭ ‬وتشاؤم‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الصحة‭ ‬واللقاحات،‭ ‬فانتقلت‭ ‬لغزو‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ‬كالاقتصاد‭ ‬والتعليم،‭ ‬إذ‭ ‬حذرت‭ ‬المنظمة‭ ‬مؤخرًا‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬الطلاب‭ ‬للمدارس،‭ ‬ومن‭ ‬فتح‭ ‬الاقتصادات‭ ‬قبل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يسبب‭ ‬كارثة،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬عودة‭ ‬آمنة‭ ‬للموظفين‭ ‬والطلاب‭ ‬إلى‭ ‬أعمالهم‭ ‬ومدارسهم‭.‬

يعكس‭ ‬هذا‭ ‬التحذير‭ ‬إصرارًا‭ ‬غريبًا‭ ‬من‭ ‬المنظمة‭ ‬على‭ ‬السير‭ ‬ضد‭ ‬أماني‭ ‬وتطلعات‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب،‭ ‬ويؤكد‭ ‬ابتعادها‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬المرير‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬الجميع‭ ‬جراء‭ ‬تداعيات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأعباء،‭ ‬والمساعي‭ ‬والجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬لإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬وسلامة‭ ‬البشر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ألمح‭ ‬إليه‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬عوض‭ ‬تاج‭ ‬الدين،‭ ‬مستشار‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬لشؤون‭ ‬الصحة‭ ‬والوقاية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬بقوله‭ ‬إن‭ ‬تحذير‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬الطلاب‭ ‬للمدارس،‭ ‬غير‭ ‬ملزم،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬تستطيع‭ ‬التعامل‭ ‬حسب‭ ‬ظروفها‭ ‬وإمكانياتها‭.‬

ويتناقض‭ ‬هذا‭ ‬التحذير‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬نادى‭ ‬به‭ ‬كبار‭ ‬مسؤولي‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بضرورة‭ ‬عودة‭ ‬الأطفال‭ ‬إلى‭ ‬المدارس،‭ ‬محذرين‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬انتظامهم‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬يفاقم‭ ‬مشاكل‭ ‬الصحة‭ ‬البدنية‭ ‬والنفسية،‭ ‬ويعد‭ ‬أكثر‭ ‬خطرا‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بكوفيد‭ ‬19،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬جونسون‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬عودة‭ ‬الأطفال‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬أولوية‭ ‬وطنية‭ ‬وواجبا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وأخلاقيا‭.‬

أما‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬وهي‭ ‬المعنية‭ ‬بالتعليم،‭ ‬فقد‭ ‬اعتبرت‭ ‬مديرتها‭ ‬العامة‭ ‬أودري‭ ‬أزولاي،‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬المتمثل‭ ‬بإغلاق‭ ‬المدارس‭ ‬بمثابة‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬تستدعي‭ ‬التعاضد‭ ‬لمعالجتها،‭ ‬وحثت‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬أفضل‭ ‬السبل‭ ‬لضمان‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬بصورة‭ ‬آمنة،‭ ‬منعًا‭ ‬لمخاطر‭ ‬جمّة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬خطر‭ ‬التسرب‭ ‬من‭ ‬المدرسة،‭ ‬وتراجع‭ ‬جودة‭ ‬التعلم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬القطاعين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭. ‬

بل‭ ‬إن‭ ‬اليونسكو‭ ‬تتحرك‭ ‬عمليا‭ ‬لمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬فتح‭ ‬المدارس،‭ ‬وأعدت‭ ‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬اليونيسف‭ ‬وبرنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي‭ ‬والبنك‭ ‬الدولي،‭ ‬وتتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارات‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬خطط‭ ‬إعادة‭ ‬الطلاب‭ ‬إلى‭ ‬القاعات‭ ‬الدراسية‭.‬