صور مختصرة

“نذكرهم بالخير والكلمة الطيبة”

| عبدالعزيز الجودر

في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأوقات‭ ‬تحصل‭ ‬للمرء‭ ‬صدف‭ ‬ومفارقات‭ ‬تبقى‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬ذاكرته،‭ ‬ففي‭ ‬صبيحة‭ ‬كل‭ ‬جمعة‭ ‬وبحسب‭ ‬الظروف‭ ‬المتاحة‭ ‬تأخذني‭ ‬قدماي‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الشعبية‭ ‬بالبحرين‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬مذاق‭ ‬خاص‭ ‬عند‭ ‬أبناء‭ ‬جيلي،‭ ‬وذلك‭ ‬إما‭ ‬لأجل‭ ‬التبضع‭ ‬أو‭ ‬“الفرجة‭ ‬والتطمش”‭ ‬والترفيه‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬أو‭ ‬الاستطلاع‭ ‬ورصد‭ ‬الأسعار‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬الالتقاء‭ ‬بالأصدقاء‭ ‬والمعارف،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬عموم‭ ‬الشعب‭ ‬أو‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة،‭ ‬وتبادل‭ ‬الأحاديث‭ ‬القصيرة‭ ‬معهم‭ ‬عن‭ ‬أمور‭ ‬الحياة‭ ‬والقضايا‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الشارع‭ ‬البحريني،‭ ‬وأحيانا‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬عبق‭ ‬الماضي‭ ‬وذكرياته‭ ‬الجميلة‭ ‬وتلك‭ ‬الأيام‭ ‬الحلوة‭ ‬التي‭ ‬عشناها‭ ‬بمرارتها‭ ‬وحلاوتها‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أسواقنا‭ ‬هذه‭ ‬قليلة‭ ‬نسبيا‭ ‬إذا‭ ‬قيست‭ ‬بالأعداد‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬مرتاديها‭ ‬ومحبيها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬طبقات‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬نطالب‭ ‬بزيادتها‭ ‬والاهتمام‭ ‬بها‭ ‬وتطويرها‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬عند‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬وضيوف‭ ‬البلاد،‭ ‬ولوجودها‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والسياحة‭ ‬لما‭ ‬تنبض‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬وحيوية‭ ‬ونشاط‭ ‬وحركة‭ ‬لا‭ ‬نجدها‭ ‬في‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬الكبيرة‭.‬

وقبل‭ ‬أسبوعين‭ ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬وبينما‭ ‬كنت‭ ‬أتبضع‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬بائعي‭ ‬الخضار‭ ‬والفواكه‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬المحرق‭ ‬المركزي،‭ ‬رأيت‭ ‬أحد‭ ‬الإخوة‭ ‬الوزراء‭ ‬يتبضع‭ ‬“ويسوم‭ ‬ويساوم،‭ ‬وينقي‭ ‬الفاكهة‭ ‬والخضار‭ ‬بيده‭ ‬مثلي”،‭ ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الذي‭ ‬يليه‭ ‬التقيت‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬آخر‭ ‬تربطني‭ ‬معه‭ ‬معرفة‭ ‬قديمة‭ ‬وهو‭ ‬إنسان‭ ‬عرف‭ ‬عنه‭ ‬التواضع‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬استلامه‭ ‬حقيبته‭ ‬الوزارية‭ ‬المهمة،‭ ‬“يتبضع‭ ‬حاله‭ ‬حال‭ ‬أي‭ ‬مواطن‭ ‬آخر”‭.‬

ما‭ ‬وددت‭ ‬الوصول‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العجالة‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬الواقعية‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬معي‭ ‬شخصيا‭... ‬أن‭ ‬يتحرك‭ ‬جميع‭ ‬الإخوة‭ ‬الوزراء‭ ‬خصوصا‭ ‬الذين‭ ‬استلموا‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والهيئات‭ ‬الخدمية‭ ‬ومن‭ ‬في‭ ‬حكمهم،‭ ‬وأن‭ ‬يحذوا‭ ‬حذو‭ ‬زملائهم‭ ‬الوزراء،‭ ‬وينزلوا‭ ‬إلى‭ ‬الشارع،‭ ‬خصوصا‭ ‬الأسواق‭ ‬الشعبية،‭ ‬للالتقاء‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬والاطلاع‭ ‬بأنفسهم‭ ‬على‭ ‬أحوالهم‭ ‬والسعي‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬قضاياهم‭ ‬العالقة‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬ضمن‭ ‬صميم‭ ‬عملهم،‭ ‬فالسيرة‭ ‬الطيبة‭ ‬ومساعدة‭ ‬الناس‭ ‬وتذليل‭ ‬الصعاب‭ ‬تبقى‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية،‭ ‬ولنا‭ ‬أمثلة‭ ‬كثيرة،‭ ‬فهناك‭ ‬وزراء‭ ‬ومسؤولون‭ ‬سابقون‭ ‬مضت‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬خروجهم‭ ‬من‭ ‬وظائفهم،‭ ‬لكننا‭ ‬كمواطنين‭ ‬مازلنا‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬نذكرهم‭ ‬بالخير‭ ‬والكلمة‭ ‬الطيبة‭. ‬وعساكم‭ ‬عالقوة‭.‬