ستة على ستة

المسلمون والاعتذار عن الإرهاب!

| عطا السيد الشعراوي

في‭ ‬مقال‭ ‬يثير‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى‭ ‬على‭ ‬الحال‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬وما‭ ‬يشعرون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬حرج‭ ‬وضيق‭ ‬عند‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬إرهابي،‭ ‬أكدت‭ ‬الكاتبة‭ ‬مريم‭ ‬خان‭ ‬بصحيفة‭ ‬“آي”‭ ‬البريطانية‭ ‬أن‭ ‬المسلمين‭ ‬مطالبون‭ ‬بالاعتذار‭ ‬عن‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أية‭ ‬علاقة‭ ‬لهم‭ ‬بها‭! ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يُسمح‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تشعر‭ ‬بالضيق‭ ‬والصدمة‭ ‬مثل‭ ‬غيرها،‭ ‬إنما‭ ‬عليها‭ ‬شرح‭ ‬دوافع‭ ‬المعتدي،‭ ‬ولفتت‭ ‬إلى‭ ‬تقرير‭ ‬مركز‭ ‬مراقبة‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الذي‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬تناقض‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬مرتكبيها،‭ ‬حيث‭ ‬استخدمت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬التقارير‭ ‬الإخبارية‭ ‬البريطانية‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2015‭ ‬و2019‭ ‬مصطلح‭ ‬“إرهابي”‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬مصطلحات‭ ‬“الإسلام”‭ ‬أو‭ ‬“المسلم”‭ - ‬أي‭ ‬تسعة‭ ‬أضعاف‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬تحديد‭ ‬الجاني‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬“يميني‭ ‬متطرف”‭ ‬أو‭ ‬“نازي‭ ‬جديد”‭.‬

واضح‭ ‬من‭ ‬المقال‭ ‬حجم‭ ‬الأذى‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬كونه‭ ‬موضوعًا‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬بمفرده‭ ‬مقابل‭ ‬خانة‭ ‬أخرى‭ ‬تضم‭ ‬باقي‭ ‬الديانات،‭ ‬ولأنه‭ ‬دائمًا‭ ‬محل‭ ‬اتهام‭ ‬وشك‭ ‬عندما‭ ‬يقع‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬إرهابي‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬معرفة‭ ‬تفاصيل‭ ‬وملابسات‭ ‬الحادث‭ ‬وطبيعته‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬فهو‭ ‬يتعامل‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬أرضية‭ ‬رسمها‭ ‬وخلفية‭ ‬أسسها‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬سابقة‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الإرهاب‭ ‬والإسلام‭ ‬وليست‭ ‬لديه‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬تغييرها،‭ ‬وتقوده‭ ‬إلى‭ ‬التعميم‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬المتورط‭ ‬في‭ ‬الفعل‭ ‬الإرهابي‭ ‬من‭ ‬المسلمين،‭ ‬بينما‭ ‬يكون‭ ‬حذرًا‭ ‬ودقيقًا‭ ‬ومبتعدا‭ ‬عن‭ ‬التعميم‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭.‬

لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬تلعب‭ ‬الدور‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التسطيح‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬التعميم،‭ ‬فحالة‭ ‬الضعف‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬تعطي‭ ‬الوسائل‭ ‬الإعلامية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجرأة‭ ‬وربما‭ ‬الوقاحة‭ ‬وكيل‭ ‬الاتهامات‭ ‬وتوجيه‭ ‬الانتقادات‭ ‬بمبرر‭ ‬ودون‭ ‬مبرر،‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تخشى‭ ‬عقابًا‭ ‬متوقعًا‭ ‬أو‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬رادعًا‭ ‬يجعلها‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬الازدواجية‭ ‬الفاضحة‭ ‬وتعتمد‭ ‬نفس‭ ‬المقياس‭ ‬والميزان‭ ‬في‭ ‬تناولها‭ ‬حوادث‭ ‬العنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مرتكبيها‭.‬