ريشة في الهواء

ماذا ينفع لو ربحت العالم وخسرت نفسك؟

| أحمد جمعة

ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬عندما‭ ‬ترى‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬خطأ؟‭ ‬هل‭ ‬تحاول‭ ‬تصحيح‭ ‬الخطأ‭ ‬فتبدو‭ ‬خارجا‭ ‬عن‭ ‬القاعدة‭ ‬وحدك‭ ‬وتكون‭ ‬أنت‭ ‬المخطئ‭ ‬والبقية‭ ‬على‭ ‬صواب‭ ‬رغم‭ ‬إدراكك‭ ‬للخطأ‭ ‬جليًا؟‭ ‬أم‭ ‬تتغافل‭ ‬وتتظاهر‭ ‬بأنك‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬وتتجاوز‭ ‬وتترك‭ ‬الآخرين‭ ‬يغرقون‭ ‬بخطئهم؟‭ ‬قد‭ ‬ترى‭ ‬بنظر‭ ‬البعض‭ ‬أحمق،‭ ‬وقد‭ ‬تبدو‭ ‬مغرورًا‭ ‬بمعاكستك‭ ‬التيار،‭ ‬وربما‭ ‬بنظر‭ ‬البعض‭ ‬مجنونًا،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يلح‭ ‬عليك‭.. ‬ماذا‭ ‬أفعل؟

إذا‭ ‬كنت‭ ‬فردًا‭ ‬في‭ ‬أسرتك‭ ‬أو‭ ‬موظفًا‭ ‬بمؤسسة،‭ ‬أو‭ ‬عضوًا‭ ‬بتجمع‭ ‬ثقافي‭ ‬ورأيت‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬الخطأ‭ ‬الفادح‭ ‬والجميع‭ ‬لا‭ ‬يرونه‭ ‬يدوسون‭ ‬عليه‭ ‬ويعبرون‭ ‬الطريق‭ ‬دون‭ ‬مبالاة،‭ ‬هل‭ ‬تترك‭ ‬أسرتك‭ ‬تغرق‭ ‬أو‭ ‬مؤسستك‭ ‬تُدمر،‭ ‬أو‭ ‬فريقك‭ ‬يتحطم؟‭ ‬وتكتفي‭ ‬بالفرجة‭ ‬وأنت‭ ‬تعلم‭ ‬مصدر‭ ‬الخطأ‭ ‬وطريق‭ ‬الخروج‭ ‬منه،‭ ‬ولكن‭ ‬أمام‭ ‬موجة‭ ‬الجميع‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬العاصفة‭ ‬ستظهر‭ ‬أحمق‭ ‬لو‭ ‬حاولت‭ ‬تصويب‭ ‬موقفهم،‭ ‬كيف‭ ‬تتصرف؟

العالم‭ ‬لا‭ ‬يسير‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬وأنت‭ ‬لست‭ ‬مسؤولا‭ ‬عن‭ ‬إصلاح‭ ‬الجميع،‭ ‬وتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬أخطائهم،‭ ‬فاتركهم‭ ‬يتحملون‭ ‬وزر‭ ‬ثمرة‭ ‬جهلهم‭ ‬ودع‭ ‬القدر‭ ‬يرسم‭ ‬طريقه‭ ‬معهم‭ ‬واعتن‭ ‬بنفسك‭... ‬هذه‭ ‬طريقة،‭ ‬أما‭ ‬الطريقة‭ ‬الأخرى‭ ‬فهي‭: ‬لا‭ ‬تحاول‭ ‬مبارزتهم‭ ‬لإظهار‭ ‬خطئهم‭ ‬ولا‭ ‬تفرض‭ ‬عليهم‭ ‬رأيك،‭ ‬ألم‭ ‬يرتكبوا‭ ‬الخطأ‭ ‬برؤيتهم‭ ‬له‭ ‬واعتقادهم‭ ‬أنهم‭ ‬على‭ ‬صواب؟‭ ‬إذا‭ ‬اجعلهم‭ ‬يظنون‭ ‬أنهم‭ ‬الصح‭ ‬وسيكتشفون‭ ‬ولو‭ ‬بعد‭ ‬مئة‭ ‬عام‭ ‬كم‭ ‬كانوا‭ ‬مغفلين‭ ‬وأنت‭ ‬المُحق‭ ‬وساعتها‭ ‬فات‭ ‬أوان‭ ‬تصحيح‭ ‬الخطأ‭ ‬ودفعوا‭ ‬الثمن‭.‬

أما‭ ‬الطريق‭ ‬الثالث‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬ستدفع‭ ‬فيه‭ ‬أنت‭ ‬الثمن،‭ ‬لو‭ ‬سوَّلتْ‭ ‬لك‭ ‬نفسك‭ ‬عبوره،‭ ‬وهو‭ ‬انخراطك‭ ‬في‭ ‬جدلٍ‭ ‬عقيم‭ ‬وضوضاء‭ ‬وصخب‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬لكشف‭ ‬خطئهم،‭ ‬فقد‭ ‬تفقد‭ ‬حياتك‭ ‬ضغطًا‭ ‬أو‭ ‬سكرًا‭ ‬أو‭ ‬سكتة‭ ‬قلبية‭ ‬لو‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬عقول‭ ‬صماء‭ ‬مثل‭ ‬الصخر‭ ‬لن‭ ‬تدرك‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬صلافة‭ ‬بالتفكير‭ ‬لمجرد‭ ‬غرور‭ ‬يكتنفها‭ ‬بأنها‭ ‬على‭ ‬صواب،‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬نصادفها‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭ ‬بمجتمعنا‭ ‬الصغير‭ ‬في‭ ‬الأسرة‭ ‬والشركة‭ ‬والتجمع‭ ‬الثقافي‭ ‬والسياسي،‭ ‬وبمجتمعنا‭ ‬الكبير‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬والمذاهب‭ ‬والقبائل‭ ‬والطبقات‭ ‬التي‭ ‬تعتقد‭ ‬كل‭ ‬جهة‭ ‬أنها‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬الحقيقة‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬صواب‭ ‬وأنت‭ ‬على‭ ‬خطأ،‭ ‬فانظر‭ ‬كيف‭ ‬واجه‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬مشاكله؟‭ ‬وكيف‭ ‬تصرفت‭ ‬الطبقات‭ ‬السياسية‭ ‬والحكم‭ ‬بكارثة‭ ‬المرفأ‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينتج‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الفاجعة‭ ‬ومضى‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬دون‭ ‬مفعول‭ ‬يُذكر‭... ‬اترك‭ ‬يا‭ ‬صديقي‭ ‬المركب‭ ‬أو‭ ‬القطار‭ ‬والطائرة‭ ‬يمضي‭ ‬كل‭ ‬بطريقه‭ ‬ولا‭ ‬تجلد‭ ‬نفسك،‭ ‬سيدرك‭ ‬الجميع‭ ‬خطأهم‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬حياتك‭.‬

 

تنويرة‭: ‬

لا‭ ‬تجادل‭ ‬اثنين‭ ‬في‭ ‬وقتٍ‭ ‬واحد‭.‬