بين التعليم المباشر والافتراضي

| عبدعلي الغسرة

بحسب‭ ‬تقديرات‭ ‬منظمة‭ ‬اليونيسيف‭ (‬اضطر‭ ‬110‭ ‬ملايين‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬افريقيا‭ ‬إلى‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬منازلهم‭ ‬خلال‭ ‬الفصل‭ ‬الدراسي‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬2019م‭ ‬ــ‭ ‬2020م‭ ‬بسبب‭ ‬إغلاق‭ ‬المدارس‭ ‬عقب‭ ‬ظهور‭ ‬الكوفيد‭)‬،‭ ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬“إحداث‭ ‬طفرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬استخدام‭ ‬منظومة‭ ‬التعليم‭ ‬الإلكترونية”‭.‬

وأكدت‭ ‬التجارب‭ ‬التعليمية‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬الدراسي‭ ‬المنصرم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬ــ‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬ــ‭ ‬مجرد‭ ‬حاجة‭ ‬وقتية‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬قائمة‭ ‬ونهجا‭ ‬مُستمرا‭ ‬للمؤسسات‭ ‬التعليمية،‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬إقبال‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬مطالعة‭ ‬محتوى‭ ‬الإنترنت‭ ‬التعليمي،‭ ‬فجعل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬كونه‭ ‬مزج‭ ‬بين‭ ‬التعلم‭ ‬الإلكتروني‭ ‬والابتكار‭ ‬الذي‭ ‬يُوفر‭ ‬إمكانات‭ ‬تعلم‭ ‬هائلة‭ ‬للطلبة،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬طلبة‭ ‬اليوم‭ ‬لديهم‭ ‬القابلية‭ ‬للتعلم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬بفضل‭ ‬استخدامهم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬سِن‭ ‬مبكرة‭.‬

إن‭ ‬التعلم‭ ‬الافتراضي‭ ‬يُساهم‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬ردم‭ ‬الفجوة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬بين‭ ‬الطلبة،‭ ‬حيث‭ ‬يتساوى‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬خدمات‭ ‬الإنترنت‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬اللازمة‭ ‬للتعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬بتوفير‭ ‬منصات‭ ‬التعليم‭ ‬الإلكتروني‭ ‬المجانية‭ ‬للطلبة‭. ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬طريقة‭ ‬التعلم‭ ‬سائرة‭ ‬إلى‭ ‬التغير،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬ولم‭ ‬يَعد‭ ‬خيارًا‭.‬

للتعلم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإيجابيات،‭ ‬منها‭ ‬استخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬كثافة‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الذي‭ ‬يُعد‭ ‬مطلبًا‭ ‬تربويًا‭ ‬ضروريًا،‭ ‬توفير‭ ‬المادة‭ ‬العلمية‭ ‬للطلبة‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬يُحقق‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الطلبة‭ ‬والمعلمين‭ ‬والمعلمات‭ ‬ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬التواصل‭ ‬بينهم‭ ‬على‭ ‬ساعات‭ ‬اليوم‭ ‬الدراسي،‭ ‬أيضًا‭ ‬يُخفض‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والتوتر‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الدارسون‭ ‬في‭ ‬التعلم‭ ‬المباشر‭ ‬ويمنحهم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬تساعدهم‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬في‭ ‬دراستهم،‭ ‬غياب‭ ‬الوقت‭ ‬الضائع‭ ‬بين‭ ‬الحصص‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬التعلم‭ ‬المباشر،‭ ‬ويكون‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬الافتراضية‭.‬

ويتأثر‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬ببعض‭ ‬العوامل،‭ ‬منها‭ ‬ارتفاع‭ ‬الموازنة‭ ‬المخصصة‭ ‬للتعليم،‭ ‬عدم‭ ‬التزام‭ ‬بعض‭ ‬الطلبة‭ ‬بمواعيد‭ ‬الدروس‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬ضعف‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التكنولوجية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المدارس‭ ‬والمنازل‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التدريب‭ ‬التقني،‭ ‬وأيضًا‭ ‬انعدام‭ ‬العلاقة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بين‭ ‬المعلمين‭ ‬والطلبة‭ ‬وبين‭ ‬الطلبة‭ ‬أنفسهم،‭ ‬حيث‭ ‬ستختفي‭ ‬تلك‭ ‬الصداقة‭ ‬التي‭ ‬تنشأ‭ ‬داخل‭ ‬البيئة‭ ‬المدرسية‭. ‬ومع‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التعلم‭ ‬الافتراضي‭ ‬صحي‭ ‬ويحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الكوفيد‭ ‬ويُخفف‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬اليوم‭ ‬المدرسي‭.‬