مُلتقطات

مبادرة “ربيع الأيتام”... كفالة شاملة

| د. جاسم المحاري

برزت‭ ‬رعاية‭ ‬الأيتام‭ ‬–‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬أحد‭ ‬والديهم‭ ‬أو‭ ‬كليهما‭ ‬قبل‭ ‬سنّ‭ ‬الرشد‭ ‬والتكليف‭ - ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬حيث‭ ‬تكرّرت‭ ‬لفظة‭ ‬“اليُتم‭ ‬واليتيم”‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬20‭) ‬مرة‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬تُرغّب‭ ‬على‭ ‬الإحسان‭ ‬للأيتام‭ ‬وكفالتهم‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬تارةً،‭ ‬فيما‭ ‬تحضّ‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬مصالحهم‭ ‬بتنشئتهم‭ ‬وتعليمهم‭ ‬وتطبيبهم‭ ‬وإشباع‭ ‬رغباتهم‭ ‬تارة‭ ‬أخرى،‭ ‬إلى‭ ‬أنْ‭ ‬يبلغوا‭ ‬كمال‭ ‬رشدهم‭ ‬في‭ ‬تولي‭ ‬شؤونهم،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الرعاية‭ ‬من‭ ‬الأجر‭ ‬العظيم‭ ‬والثواب‭ ‬الجزيل؛‭ ‬حتى‭ ‬عُدّ‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬الأعمال‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬تعويض‭ ‬لهم‭ ‬عن‭ ‬الحنان‭ ‬والعطف‭ ‬المفقودين،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬تتجلّى‭ ‬فيها‭ ‬صور‭ ‬“الكفالة‭ ‬الشاملة”‭ ‬التي‭ (‬يحتّل‭) ‬فيها‭ ‬المُجتمع‭ ‬كامل‭ ‬المسؤوليات‭ ‬عوضاً‭ ‬عن‭ ‬والدي‭ ‬المُتوفى،‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬يسودها‭ ‬الحبّ‭ ‬وتشيع‭ ‬فيها‭ ‬المودة‭ ‬بين‭ ‬أفراده‭. ‬بحرينياً،‭ ‬يُشكّل‭ ‬الأيتام‭ ‬جزءاً‭ ‬مهماً‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع‭ ‬لما‭ ‬يحظون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬ورعاية‭ ‬وكفالة‭ ‬وتربية‭ ‬ونفقة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬الأهلية‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬كل‭ ‬شؤونهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والصحية‭ ‬والمالية،‭ ‬وبما‭ ‬يُعزّز‭ ‬مكانتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ويُرسّخ‭ ‬من‭ ‬وضعهم‭ ‬الأسري‭ ‬ويُطور‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬رعايتهم‭ ‬والخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬لهم‭ ‬عِبر‭ ‬الدور‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬ومدن‭ ‬المملكة‭. ‬وفي‭ ‬جلّ‭ ‬ذلك،‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أنْ‭ ‬نفخر‭ ‬ونعتزّ‭ ‬بما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬العزيزة‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬البحريني‭ ‬المتحاب،‭ ‬بعدما‭ ‬حظيت‭ ‬بالرعاية‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬أرستها‭ ‬قواعد‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬السمحاء‭ ‬وأكدت‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬التكافل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التعاوني‭ ‬لحفظ‭ ‬حقوقهم‭ ‬وتربيتهم‭ ‬وتهيئتهم‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬يستظلون‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬كفالة‭ ‬الجماعة،‭ ‬وتعيش‭ ‬الجماعة‭ ‬بمؤازرتهم‭.‬

نافلة‭:‬

المبادرة‭ ‬التضامنية‭ ‬التي‭ ‬نظمتها‭ ‬جمعية‭ ‬الكوثر‭ ‬للرعاية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬برعاية‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬“الحُسين‭... ‬ربيع‭ ‬الأيتام”‭ ‬خلال‭ ‬موسم‭ ‬عاشوراء‭ ‬1442ه،‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬البحرينية‭ ‬المخلصة‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الرعاية‭ ‬لهذه‭ ‬الشريحة‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وتعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬رعايتهم‭ ‬وكفالتهم‭ ‬الأسرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬باعتبارها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬التحضر‭ ‬والتمدن،‭ ‬حيث‭ ‬ضربت‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬الخيرية‭ ‬–‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الرائدة‭ - ‬أروع‭ ‬الأمثلة‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬الفعاليات‭ ‬التفاعلية‭ ‬التي‭ ‬تركت‭ ‬أثرها‭ ‬البالغ‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬الذي‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬حلقات‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استلهام‭ ‬التجليات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والقيم‭ ‬الدينية‭ ‬النبيلة‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تفيض‭ ‬بالنماذج‭ ‬الإنسانية‭ ‬الخالصة‭ ‬عبرَ‭ ‬تأكيدها‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬كفالة‭ ‬اليتيم‭ ‬ووجوب‭ ‬رعايته‭ ‬وفق‭ ‬النهج‭ ‬الإسلامي‭.‬