سوالف

“الموقف الرجولي” في سبيل الدفاع عن الوطن

| أسامة الماجد

لماذا‭ ‬نشاهد‭ ‬اليوم‭ ‬المثقف‭ ‬المكلف‭ ‬بإبداع‭ ‬الكلمة‭ ‬وإنتاجها‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأضواء‭ ‬ودوره‭ ‬ليس‭ ‬بارزا‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون؟‭ ‬فهناك‭ ‬تناقض‭ ‬واضح‭ ‬بين‭ ‬القول‭ ‬والفعل،‭ ‬فمن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬فيها‭ ‬تطورات‭ ‬وأحداث‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬تغيرت‭ ‬معها‭ ‬خريطة‭ ‬المواقع‭ ‬ووقفنا‭ ‬فيها‭ ‬أمام‭ ‬قضايا‭ ‬مصيرية‭ ‬تمس‭ ‬وجودنا‭ ‬نفسه،‭ ‬ظل‭ ‬المثقف‭ (‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬والأدباء‭) ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الإنسان‭ ‬الخامل‭ ‬غير‭ ‬المكترث،‭ ‬منفصلا‭ ‬عن‭ ‬مجتمعه‭ ‬ومبادئه‭ ‬وبالكاد‭ ‬يستطيع‭ ‬تدبر‭ ‬أمره‭ ‬بنفسه‭ ‬وكأنه‭ ‬في‭ ‬“سنة‭ ‬أولى‭ ‬ابتدائي”‭.‬

أعرف‭ ‬شاعرا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬شاعرا‭ ‬ولا‭ ‬أهلا‭ ‬لأن‭ ‬يثقف‭ ‬غيره‭ ‬بسبب‭ ‬مواقفه‭ ‬السلبية‭ ‬العقيمة‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بنا‭ ‬والمتعلقة‭ ‬بوجودنا‭ ‬وهويتنا،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬الملحة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬أنصاف‭ ‬الحلول،‭ ‬إنما‭ ‬“الموقف‭ ‬الرجولي”‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬هويتنا‭ ‬وبلادنا،‭ ‬والصدق‭ ‬والشجاعة‭ ‬والنزول‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬الميدان‭ ‬بكامل‭ ‬المسؤولية‭ ‬والالتزام،‭ ‬لأنه‭ ‬يدرك‭ ‬قبل‭ ‬غيره‭ ‬أن‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬يجعل‭ ‬منه‭ ‬إنسانا‭ ‬متميزا‭ ‬بسعة‭ ‬اطلاعه‭ ‬وعمق‭ ‬وعيه‭ ‬وبقوة‭ ‬الأداة‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬يريد‭ ‬قوله،‭ ‬وهذا‭ ‬التميز‭ ‬يلقي‭ ‬عليه‭ ‬واجبات‭ ‬ينبغي‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يفي‭ ‬بها‭. ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬موقف‭ ‬الموجه،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يتح‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬الوقوف‭ ‬لظروف‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬إرادته‭ ‬وقدرته‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬موقف‭ ‬الناقد‭ ‬المقوم،‭ ‬لكن‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحدث،‭ ‬وظل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬الفكري‭ ‬ولم‭ ‬يكتب‭ ‬حتى‭ ‬كلمة‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منبر‭ ‬كان‭.‬

موقف‭ ‬المثقف‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬قضية‭ ‬مصيرية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ملحوظا‭ ‬وملموسا‭ ‬وجديا،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬ويكاد‭ ‬يكون‭ ‬عفويا،‭ ‬أما‭ ‬الابتعاد‭ ‬والانزواء‭ ‬والتخلف‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬المهمة‭ ‬الوطنية‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القبول‭ ‬به‭ ‬ونقولها‭ ‬بلغة‭ ‬تفهمها‭ ‬جميع‭ ‬الأمم،‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬نفع‭ ‬المثقف‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يقم‭ ‬بدوره‭ ‬بصورة‭ ‬صحيحة‭ ‬وجادة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬بل‭ ‬ويكون‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬ويستوفي‭ ‬جميع‭ ‬شروط‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬والهوية‭.‬