في ذكرى استشهاد الإمام الحسين

| عبدعلي الغسرة

يُحيي‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬محرم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬ذكرى‭ ‬استشهاد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬“عليه‭ ‬السلام”،‭ ‬الذي‭ ‬استشهد‭ ‬وجمع‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬بيته‭ ‬وأصحابه‭ ‬في‭ ‬موقعة‭ ‬الطف‭ ‬بكربلاء‭ ‬عام‭ ‬61هـ،‭ ‬حيث‭ ‬نستلهم‭ ‬دروسًا‭ ‬سامية‭ ‬في‭ ‬التضحية‭ ‬والجهاد‭ ‬والفداء،‭ ‬دروسًا‭ ‬ثرية‭ ‬تحتاجها‭ ‬أمتنا،‭ ‬فلهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬الجليلة‭ ‬معانيها‭ ‬الرفيعة‭ ‬العالية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬رسالتها‭ ‬الخالدة،‭ ‬وهي‭ ‬رسالة‭ ‬متجددة‭ ‬لنا‭ ‬ولجميع‭ ‬أبناء‭ ‬البشرية‭ ‬لقدرتها‭ ‬على‭ ‬تهيئة‭ ‬حلول‭ ‬ناجعة‭ ‬كفيلة‭ ‬بإنقاذ‭ ‬المجتمعات‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬مشاكلها‭ ‬وتحقيق‭ ‬تطلعاتهم‭ ‬الإنسانية‭.‬

إن‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬استشهد‭ ‬لأجلها‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬ستبقى‭ ‬عالية‭ ‬خفاقة‭ ‬بها‭ ‬ترقى‭ ‬الأمة‭ ‬وتنهض،‭ ‬وهي‭ ‬مبادئ‭ ‬نوعية‭ ‬وشمولية‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬نهضته‭ ‬أكثر‭ ‬عُمقًا،‭ ‬وكان‭ ‬يهدف‭ ‬منها‭ ‬تحقيق‭ ‬الكرامة‭ ‬للإنسان،‭ ‬وهو‭ ‬منهج‭ ‬اختطه‭ ‬من‭ ‬منهج‭ ‬جده‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬وتعلمه‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬أبيه‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬“عليه‭ ‬السلام”،‭ ‬وهو‭ ‬منهج‭ ‬يُشكل‭ ‬معالم‭ ‬هداية‭ ‬ونور‭ ‬للإنسان‭ ‬ويُحقق‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬للأمة‭ ‬والعدالة‭ ‬للإنسان‭.‬

إن‭ ‬استشهاد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬كان‭ ‬حتميا‭ ‬للمواجهة‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭ ‬التي‭ ‬دارت،‭ ‬ومع‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬العدد‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬لم‭ ‬يَضعف‭ ‬أو‭ ‬يخاف‭ ‬بل‭ ‬زاده‭ ‬ذلك‭ ‬قوة‭ ‬وبسالة،‭ ‬وهو‭ ‬نتاج‭ ‬نشأته‭ ‬الكريمة‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬النبوة،‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬منه‭ ‬رائدًا‭ ‬لها‭ ‬وقائدًا،‭ ‬وجسد‭ ‬بذلك‭ ‬الموقف‭ ‬أروع‭ ‬الأمثلة‭ ‬في‭ ‬التضحية‭ ‬والفداء،‭ ‬وتتفاخر‭ ‬به‭ ‬الإنسانية‭ ‬جميعها،‭ ‬وأصبحت‭ ‬حركته‭ ‬للإصلاح‭ ‬نموذجًا‭ ‬وثقافة‭ ‬لكل‭ ‬عصر‭ ‬وزمان‭ ‬لتغيير‭ ‬واقع‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإنسانية‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬العِرق‭ ‬أو‭ ‬الطائفة‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬نهضة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬تمثل‭ ‬أخلاق‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬عقائده‭ ‬وتشريعاته‭ ‬وقيمه‭ ‬السامية‭ ‬التي‭ ‬تبغي‭ ‬تهذيب‭ ‬النفس‭ ‬الإنسانية‭ ‬وإصلاح‭ ‬المجتمع‭ ‬والرقي‭ ‬به‭ ‬لأرفع‭ ‬المستويات‭ ‬وأكرم‭ ‬المنازل،‭ ‬واستشهاده‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬غاية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحياة‭ ‬بفضل‭ ‬شجاعته‭ ‬وصبره‭ ‬وتحمله،‭ ‬وتجسد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬“لا‭ ‬أرى‭ ‬الموت‭ ‬إلا‭ ‬سعادة”‭.‬