مصباح علاء الدين

| د.حورية الديري

قصة‭ ‬علاء‭ ‬الدين‭ ‬والمصباح‭ ‬السحري‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬الحكايات‭ ‬الخيالية‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تؤدى‭ ‬بروح‭ ‬واقعية‭ ‬لتكون‭ ‬صالحة‭ ‬لكل‭ ‬زمان،‭ ‬فمنذ‭ ‬انطلاقتها‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭ ‬في‭ ‬الأربعينات‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مازالت‭ ‬تتصدر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬الإعلامية،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬مستحقة‭ ‬للتأمل،‭ ‬فهي‭ ‬قصة‭ ‬من‭ ‬وحي‭ ‬الخيال‭ ‬تضمنت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوقفات‭ ‬الإبداعية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬إصداراتها‭ ‬الفنية‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬فيلم‭ ‬لها‭ ‬باللغة‭ ‬الهندية‭ ‬“Aladen”،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬إطلاقه‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬وتهافت‭ ‬عليه‭ ‬الكثيرون‭ ‬ممن‭ ‬يعشقون‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬القصص‭.‬

أقول‭ ‬هنا‭ ‬والعودة‭ ‬لموضوع‭ ‬“الخيال”‭ ‬الذي‭ ‬يستحوذ‭ ‬على‭ ‬تفكيري‭ ‬التام‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬علاقته‭ ‬بالواقع،‭ ‬وأهميته‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬حتى‭ ‬توجهت‭ ‬ناحية‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يفرق‭ ‬أصلاً‭ ‬بين‭ ‬الحقيقة‭ ‬والخيال‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬بالعين‭ ‬وما‭ ‬يستقبله‭ ‬بالمخيلة،‭ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ‬الشخصي‭ ‬الخيال‭ ‬أصل‭ ‬الحكاية‭ ‬كلها،‭ ‬وأصل‭ ‬الإبداع،‭ ‬فلا‭ ‬واقع‭ ‬بدون‭ ‬خيال،‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬حل‭ ‬إبداعي‭ ‬لأكبر‭ ‬المشكلات‭ ‬قد‭ ‬ولد‭ ‬من‭ ‬الخيال،‭ ‬لكن‭ ‬لنقف‭ ‬قليلاً‭ ‬أمام‭ ‬ذلك‭ ‬الخيال‭ ‬باعتباره‭ ‬لوحة‭ ‬ذهنية‭ ‬تجمع‭ ‬كل‭ ‬الخبرات‭ ‬والتجارب،‭ ‬فالصورة‭ ‬في‭ ‬خيالي‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الصورة‭ ‬في‭ ‬خيال‭ ‬شخص‭ ‬آخر،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬مهما‭ ‬شرحت‭ ‬صورتي‭ ‬الخيالية‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬فإن‭ ‬تخيل‭ ‬ذلك‭ ‬الخيال‭ ‬سيكون‭ ‬مغايرًا‭ ‬أيضًا،‭ ‬كذلك‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬تتعدد‭ ‬الصور‭ ‬ويتنوع‭ ‬الفهم‭ ‬والتطبيق،‭ ‬لذلك‭ ‬يظهر‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬واقعي‭ ‬وواقع‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭.‬

وتظهر‭ ‬الاستفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬إبداعات‭ ‬الخيال‭ ‬في‭ ‬الوضوح‭ ‬التام‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬الخيال‭ ‬باستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬الواقع‭ ‬ذاته،‭ ‬وتكون‭ ‬بمثابة‭ ‬السحر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬البشر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬يمتلكون‭ ‬مصباح‭ ‬علاء‭ ‬الدين،‭ ‬وذلك‭ ‬المارد‭ ‬الجبار‭ ‬الذي‭ ‬يختبئ‭ ‬داخله،‭ ‬فإتقان‭ ‬عملية‭ ‬إخراج‭ ‬المارد‭ ‬يتوجب‭ ‬الواقعية‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬والغاية‭ ‬منها‭ ‬أصلاً،‭ ‬واستخدام‭ ‬فن‭ ‬الخيال‭ ‬في‭ ‬رسمها‭ ‬وبالتالي‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬المصباح‭ ‬الذي‭ ‬يمتلكه‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬استخراج‭ ‬مكنونات‭ ‬ما‭ ‬نمتلك‭ ‬لتبدو‭ ‬واقعًا‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الخيال‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬أجزم‭ ‬بأن‭ ‬مصباح‭ ‬علاء‭ ‬الدين‭ ‬موجود‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬بينما‭ ‬يكون‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬استخدامه‭ ‬والاستفادة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الواقع،‭ ‬كتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬والإنجازات‭ ‬التي‭ ‬يحلم‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬شخص‭.‬

وبهذا‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بدأنا‭ ‬به‭... ‬إن‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الواقع‭ ‬والخيال‭ ‬لغة‭ ‬الخطاب‭ ‬مع‭ ‬المصباح،‭ ‬وعلينا‭ ‬جميعًا‭ ‬أن‭ ‬نتقن‭ ‬تلك‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تصنع‭ ‬كونًا‭ ‬يضاهي‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المارد‭ ‬الجبار‭.‬