أبا علي عافاك الله

| د. عبدالله الحواج

كادت‭ ‬المقدمات‭ ‬تكشف‭ ‬عما‭ ‬بعدها،‭ ‬والمخاوف‭ ‬تلامس‭ ‬أدق‭ ‬مشاعرنا،‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬يسافر‭ - ‬حسب‭ ‬الأنباء‭ - ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬خاصة‭ - ‬اتصال‭ ‬هاتفي‭ ‬من‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بسمو‭ ‬الرئيس‭ ‬للاطمئنان‭ ‬على‭ ‬صحته‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬الفحوصات‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬

كانت‭ ‬المقدمات‭ ‬تكشف‭ ‬عما‭ ‬بعدها،‭ ‬والمخاوف‭ ‬تلامس‭ ‬أدق‭ ‬مشاعرنا،‭ ‬فرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬شفاه‭ ‬الله‭ ‬وعفاه‭ ‬قد‭ ‬غادر‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬وصفت‭ ‬بالخاصة‭ ‬متوجهًا‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬والرئيس‭ ‬القائد‭ ‬عودنا‭ ‬في‭ ‬حله‭ ‬وترحاله‭ ‬بإشارات‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬القلب‭ ‬عما‭ ‬يجول‭ ‬بخاطره،‭ ‬ويتغلغل‭ ‬في‭ ‬مشاعره،‭ ‬ويؤرق‭ ‬مخادعه‭.‬

عودنا‭ ‬سموه‭ ‬أن‭ ‬المستقبل‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نبصره‭ ‬بدقة‭ ‬معًا؛‭ ‬لأن‭ ‬الماضي‭ ‬رسمناه‭ ‬وعشناه‭ ‬معًا،‭ ‬وأن‭ ‬القادم‭ ‬دائمًا‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬والأيام‭ ‬الأجمل‭ ‬لم‭ ‬نعشها‭ ‬بعد‭ ‬مثلما‭ ‬يبشرنا‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬دائمًا‭ ‬وأبدًا‭.‬

إنها‭ ‬ثقافة‭ ‬الخلود‭ ‬التي‭ ‬تعلمناها‭ ‬من‭ ‬حضارة‭ ‬أبدية‭ ‬شامخة،‭ ‬ومن‭ ‬قادة‭ ‬انتمائهم‭ ‬يسبق‭ ‬إشاراتهم،‭ ‬وولائهم‭ ‬لشعبهم‭ ‬يتقدم‭ ‬سلوكهم‭ ‬الحاني‭ ‬باتجاه‭ ‬مصالح‭ ‬الوطن‭.‬

قبل‭ ‬السفر‭ ‬المؤقت‭ ‬كان‭ ‬ومازال‭ ‬ماثلًا‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توجيهات‭ ‬كريمة‭ ‬للأب‭ ‬الرئيس‭ ‬باتجاه‭ ‬معيشة‭ ‬المواطن،‭ ‬مرافق‭ ‬الخدمات‭ ‬القابلة‭ ‬للتطور‭ ‬وإعادة‭ ‬البعث،‭ ‬مستوى‭ ‬مشروعات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬محاكاة‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬على‭ ‬المتر‭ ‬المربع‭ ‬الواحد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬اليانعة‭ ‬المسالمة‭ ‬المطمئنة،‭ ‬مشروعات‭ ‬قابلة‭ ‬للتأجيل‭ ‬بفعل‭ ‬كورونا،‭ ‬وضيق‭ ‬اليد،‭ ‬ونفقات‭ ‬الطوارئ‭ ‬المتفاقمة‭.‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬ومازال‭ ‬ماثلًا‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬وأنا‭ ‬أقرأ‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬السطور،‭ ‬وأنا‭ ‬أتابع‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬ديوان‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬قابلة‭ ‬للنشر،‭ ‬وأخرى‭ ‬مستسلمة‭ ‬للتكهنات‭.‬

بالنتيجة‭ ‬كان‭ ‬للاتصال‭ ‬الهاتفي‭ ‬من‭ ‬العاهل‭ ‬المفدى‭ ‬بسمو‭ ‬الرئيس‭ ‬بمثابة‭ ‬الإنقاذ‭ ‬للقوارب‭ ‬المرتبكة‭ ‬في‭ ‬تجاذبات‭ ‬أيامنا،‭ ‬وفعل‭ ‬السحر‭ ‬غير‭ ‬القابل‭ ‬للتفسير‭ ‬فيما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصيبنا‭ ‬من‭ ‬قلق‭ ‬بالغ‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬باني‭ ‬نهضة‭ ‬البلاد،‭ ‬والشريك‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬أصول‭ ‬ومعايير‭ ‬النماء‭ ‬المستدام‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬عقود‭ ‬مضت‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭.‬

في‭ ‬النهاية‭ ‬تم‭ ‬الاطمئنان‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد،‭ ‬وتم‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬“السفرة”‭ ‬المفاجئة‭ ‬بمنتهى‭ ‬الحنكة‭ ‬والكياسة‭ ‬وعدم‭ ‬الإقلاق‭ ‬للشعب‭ ‬المحب‭.‬

البحرين‭ ‬بخير‭ ‬يا‭ ‬قادتنا،‭ ‬ويا‭ ‬شعبنا،‭ ‬ويا‭ ‬وطننا‭ ‬الجميل،‭ ‬روح‭ ‬الود‭ ‬والمحبة‭ ‬والألفة‭ ‬والمشاعر‭ ‬الطيبة‭ ‬والأسوة‭ ‬الحسنة‭ ‬مازلنا‭ ‬نتعلمها‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬ربابين‭ ‬سفينتنا،‭ ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نسجل‭ ‬ويسجل‭ ‬التاريخ‭ ‬لنا‭ ‬ذلك‭ ‬الوفاء‭ ‬النادر‭ ‬من‭ ‬العاهل‭ ‬المفدى‭ ‬للعم‭ ‬العزيز‭.‬

إنه‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬المحبة‭ ‬الخالصة،‭ ‬والود‭ ‬والوئام‭ ‬بين‭ ‬قائد‭ ‬ومسيرة،‭ ‬وبين‭ ‬ربان‭ ‬وحكيم،‭ ‬ثم‭ ‬بين‭ ‬أمل‭ ‬وجسارة،‭ ‬وحنكة‭ ‬ومهارة،‭ ‬بين‭ ‬يوم‭ ‬نعيشه‭ ‬آمنين‭ ‬مطمئنين‭ ‬على‭ ‬أحوال‭ ‬ومستقبل‭ ‬أبنائنا‭ ‬وأحفادنا،‭ ‬وغدٌ‭ ‬نتطلع‭ ‬إليه‭ ‬بعين‭ ‬ملؤها‭ ‬الفخر‭ ‬والانتماء‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬الحبيب،‭ ‬وأخرى‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬الغيب‭ ‬المهيمن‭ ‬سائلين‭ ‬الله‭ ‬جل‭ ‬وعلا‭ ‬بأن‭ ‬يديم‭ ‬على‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬نعمة‭ ‬الاستقرار‭ ‬والمحبة‭ ‬والأمن‭ ‬والأمان،‭ ‬وأن‭ ‬ينعم‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬على‭ ‬قادتنا‭ ‬الأجلاء‭ ‬بموفور‭ ‬الصحة‭ ‬وتمام‭ ‬العافية‭ ‬وحُسن‭ ‬المرتجى،‭ ‬إنه‭ ‬سميع‭ ‬مجيب‭.‬