الصراع على “اللقاح”

| رضي السماك

بلغ‭ ‬التنافس‭ ‬الدولي‭ ‬للفوز‭ ‬بقصب‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬لقاح‭ ‬مضاد‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬“ذروته”‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬وبرز‭ ‬هذا‭ ‬التنافس‭ -‬بوجه‭ ‬خاص‭ - ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى؛‭ ‬كألمانيا‭ ‬والصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وروسيا،‭ ‬ولم‭ ‬تغب‭ ‬دول‭ ‬نامية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬عربية،‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬الدخول‭ ‬بحلبة‭ ‬المنافسة،‭ ‬وكلما‭ ‬أعلنت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬توصلها‭ ‬إلى‭ ‬لقاح‭ ‬فاعل‭ ‬شككت‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬جدواه‭!‬

على‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬التفرد‭ ‬باكتشاف‭ ‬“اللقاح”‭ ‬والتفرد‭ ‬أيضاً‭ ‬ببراءة‭ ‬اختراعه؛‭ ‬مثلما‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬ربحي‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلفه‭ ‬كل‭ ‬شركة‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬الدواء‭ ‬الكبرى‭ ‬الغربية‭ ‬لتكون‭ ‬أول‭ ‬الفائزين‭ ‬بالاختراع‭ ‬واحتكار‭ ‬جودة‭ ‬إنتاجه‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬والمضاربة‭ ‬في‭ ‬أسعاره،‭ ‬فهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬بعد‭ ‬علمي‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ ‬المحمومة‭ ‬للظهور‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬بمظهر‭ ‬الدولة‭ ‬الجبارة‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تفردت‭ ‬بين‭ ‬نظيراتها‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬قصب‭ ‬السبق‭. ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬الدوافع‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬اشتداد‭ ‬حدة‭ ‬المنافسة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬هنا‭: ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬اكتشاف‭ ‬“اللقاح”‭ ‬الفعّال‭ ‬الأكيد‭ ‬الذي‭ ‬تجمع‭ ‬على‭ ‬فاعليته‭ ‬بدون‭ ‬آثار‭ ‬جانبية‭ ‬الأوساط‭ ‬العلمية‭ ‬العالمية‭ ‬النزيهة؟‭ ‬هل‭ ‬المضاربة‭ ‬في‭ ‬أسعاره؟‭ ‬أم‭ ‬استعراض‭ ‬العضلات‭ ‬العلمية‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية؟‭ ‬أم‭ ‬تحصين‭ ‬من‭ ‬يستطيعون‭ ‬شراءه‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬وأفراد‭ ‬دون‭ ‬الاكتراث‭ ‬بالمبدأ‭ ‬الإنساني‭ ‬الأنبل‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬محاربة‭ ‬الفيروس‭ ‬وتطهير‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬شره‭ ‬بما‭ ‬أنه‭ ‬عدو‭ ‬البشرية‭ ‬كما‭ ‬وصفته‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬المعنية‭ ‬بصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬أينما‭ ‬كان؟‭ ‬

ولما‭ ‬كان‭ ‬منشأ‭ ‬الفيروس‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬انتقل‭ ‬منها‭ ‬سريعا،‭ ‬وتنقل‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬المعمورة‭ ‬بقاراتها‭ ‬الخمس‭ ‬بفضل‭ ‬التطور‭ ‬المذهل‭ ‬لوسائل‭ ‬الاتصالات‭ ‬والمواصلات‭ ‬في‭ ‬مدة‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬الثلاثة‭ ‬شهور‭ (‬يناير‭ - ‬مارس‭) ‬فإن‭ ‬الوصول‭ ‬للقاح‭ ‬مضمون‭ ‬مأمون‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬ذا‭ ‬جدوى‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تحت‭ ‬متناول‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬أجمع؛‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬البلدان‭ ‬الأكثر‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابة‭ ‬والقتلى‭.‬