حرية المعتقد مكفولة

| مريم أبودريس

ينص‭ ‬دستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬‮٢٢‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬“حرية‭ ‬الضمير‭ ‬مطلقة،‭ ‬وتكفل‭ ‬الدولة‭ ‬حرمة‭ ‬دُور‭ ‬العبادة،‭ ‬وحرية‭ ‬القيام‭ ‬بشعائر‭ ‬الأديان‭ ‬والمواكب‭ ‬والاجتماعات‭ ‬الدينية‭ ‬طبقا‭ ‬للعادات‭ ‬المرعية‭ ‬في‭ ‬البلد”،‭ ‬كما‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬المملكة‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬لمختلف‭ ‬الأديان‭ ‬والعقائد‭ ‬السماوية‭ ‬وغير‭ ‬السماوية‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬لجميع‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬حرية‭ ‬ممارسة‭ ‬شعائرهم‭.‬

وما‭ ‬حدث‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬تعدي‭ ‬امرأة‭ ‬على‭ ‬حرمة‭ ‬وحرية‭ ‬أصحاب‭ ‬ملة‭ ‬معينة‭ ‬وانتهاك‭ ‬مشاعرهم‭ ‬بتحطيم‭ ‬تماثيل‭ ‬لها‭ ‬قدسية‭ ‬لديهم‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فعلا‭ ‬خارجا‭ ‬عن‭ ‬اللياقة‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬وحريات‭ ‬الآخرين،‭ ‬والمزعج‭ ‬بالأمر‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬وحده،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يتوانوا‭ ‬عن‭ ‬خلق‭ ‬الأعذار‭ ‬لتبرير‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬والمخالف‭ ‬لأسس‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬الاعتقاد‭.‬

لقد‭ ‬عاش‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬مع‭ ‬أصحاب‭ ‬الملل‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتحتوي‭ ‬المنامة‭ ‬وحدها‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الكنائس‭ ‬لمختلف‭ ‬المذاهب‭ ‬المسيحية،‭ ‬كما‭ ‬يوجد‭ ‬بها‭ ‬الكنيست‭ ‬اليهودي،‭ ‬والمعبد‭ ‬الهندوسي‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوز‭ ‬عمره‭ ‬‮٢٠٠‬‭ ‬عام‭.‬

لماذا‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬هذه‭ ‬مُصانة‭ ‬ومقدسة‭ ‬عند‭ ‬أجدادنا‭ ‬وآبائنا‭ ‬وليس‭ ‬لدى‭ ‬هذا‭ ‬الجيل،‭ ‬لماذا‭ ‬أصبحنا‭ ‬أكثر‭ ‬تعصباً‭ ‬وقلقاً‭ ‬على‭ ‬معتقداتنا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقتٍ‭ ‬مضى،‭ ‬ولماذا‭ ‬مشاعرنا‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬الآخرين‭ ‬تجاه‭ ‬أديانهم‭ ‬ومعتقداتهم؟‭! ‬إن‭ ‬الدولة‭ ‬حامية‭ ‬للحريات‭ ‬وتقف‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬وكما‭ ‬يتطلع‭ ‬المسلمون‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬مشاعرهم‭ ‬مصانة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬المسلمة،‭ ‬عليهم‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬يتقبلوا‭ ‬احترام‭ ‬معتقدات‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬دولهم،‭ ‬وربما‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتضمين‭ ‬ذلك‭ ‬ضمن‭ ‬مناهج‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬لخلق‭ ‬جيل‭ ‬متسامح‭ ‬ومتقبل‭ ‬للتعددية‭ ‬واختلاف‭ ‬التوجهات،‭ ‬وألا‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬مجرد‭ ‬دروس‭ ‬نظرية،‭ ‬ولكن‭ ‬تطبيقات‭ ‬عملية‭ ‬للتقارب‭ ‬الإنساني‭ ‬والذوبان‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬أننا‭ ‬كلنا‭ ‬ننتمي‭ ‬لذات‭ ‬الجذر‭ ‬رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬الفروع‭ ‬والثمار‭.‬