رؤيا مغايرة

حادثة مرفأ بيروت... والشعوب المقهورة

| فاتن حمزة

صدمة‭ ‬مروعة‭ ‬وحزن‭ ‬عميق،‭ ‬وعاصفة‭ ‬من‭ ‬الأسى‭ ‬سادت‭ ‬بعد‭ ‬الانفجار‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬أتى‭ ‬على‭ ‬المدينة‭ ‬الجميلة‭ ‬فجعلها‭ ‬كالرميم‭... ‬قضاء‭ ‬وقدر‭ ‬أم‭ ‬يد‭ ‬خبيثة؟‭ ‬بيروت‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نعرفها،‭ ‬مفقودة‭ ‬اليوم‭ ‬تحت‭ ‬أنقاض‭ ‬انفجار‭ ‬الفساد‭! ‬تماماً‭ ‬كجائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬نسمع‭ ‬عن‭ ‬حادثة‭ ‬مرفأ‭ ‬بيروت‭ ‬عشرات‭ ‬النظريات‭ ‬والأسباب‭ ‬والفرضيات‭ ‬والتحقيقات‭ ‬والتحليلات،‭ ‬بينما‭ ‬هناك‭ ‬آلاف‭ ‬الضحايا‭!‬

وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سنسمعه،‭ ‬ستطوى‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬لجان‭ ‬تحقيق،‭ ‬وما‭ ‬أسهل‭ ‬أن‭ ‬تنسى‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬قضاياها،‭ ‬وقد‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار،‭ ‬وفي‭ ‬الغالب‭ ‬هم‭ ‬ذاتهم‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المآسي‭!‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬لجان‭ ‬التحقيق‭ ‬اليوم‭ ‬تشكلت،‭ ‬فإنني‭ ‬أستحضر‭ ‬قول‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬“إذا‭ ‬أردت‭ ‬لموضوع‭ ‬أن‭ ‬يموت‭ ‬فشكّل‭ ‬له‭ ‬لجنة”،‭ ‬أما‭ ‬الضحايا‭ ‬فليس‭ ‬لهم‭ ‬سوى‭ ‬الحسرات‭ ‬والندم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬خسروه،‭ ‬وربما‭ ‬ينتظر‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬أن‭ ‬يفرج‭ ‬عن‭ ‬قريب‭ ‬له‭ ‬تكلم‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬التنفيس‭ ‬لفقد‭ ‬الأصحاب‭.‬

ما‭ ‬أكثر‭ ‬صبر‭ ‬الشعوب‭ ‬المقهورة‭... ‬قتلوا‭ ‬بغداد‭ ‬ودمشق‭ ‬وصنعاء‭ ‬وبيروت،‭ ‬وأدموا‭ ‬قلوب‭ ‬العرب،‭ ‬إنه‭ ‬لبنان‭ ‬بلد‭ ‬الرقي‭ ‬والجمال‭ ‬أصبح‭ ‬اليوم‭ ‬منكوبا،‭ ‬يعيش‭ ‬معاناة‭ ‬الحرب‭ ‬والجحيم‭ ‬والدمار‭ ‬والخراب‭.‬

نحن‭ ‬بأمس‭ ‬الحاجة‭ ‬اليوم‭ ‬لتكاتف‭ ‬العرب،‭ ‬وعلى‭ ‬المسؤولين‭ ‬وصناع‭ ‬القرار‭ ‬تدارك‭ ‬الأمر‭ ‬قبل‭ ‬النهاية‭ ‬الأليمة،‭ ‬تعازينا‭ ‬لأهلنا‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬ونسأل‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬يلهمهم‭ ‬الصبر،‭ ‬وإنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‭.‬