ريشة في الهواء

النظام أم المليشيات... ولا تبكوا بيروت!

| أحمد جمعة

احتراق الأوطان، انهيار الدول، تفكك الشعوب، الرزوح تحت القيود، استمرار المسكوت عنه، بقاء الظلم، الفقر والجوع... الاقتتال المجنون الذي لا يعرف حدودا بين المذاهب والتيارات، فقدان الحرية وانعدام الأمن والاستقرار، كبت المشاعر، نزيف لا يتوقف عند تخوم ولا ينتظر إذنا للانحسار، هذا ما تعيشه الدول والشعوب التي اختارت أن ترزح تحت رحمة حكم المليشيات والعصابات وتجار الموت ومستوردي المرتزقة ممن تدعمهم إيران والمنظمات الدولية المشبوهة المسماة بمنظمات حقوق الإنسان، وهي ليست سوى دكاكين للتخريب وبث الفتن، أليس هذا ما تعيشه وتنسحق تحته دول عربية كالعراق ولبنان وليبيا واليمن، وغيرها من الدول التي تنازلت عن حكم القانون والنظام وسلمت نفسها لحكم المليشيات، دول تنزف بالساعة والدقيقة.

بالمقابل بالضفة الأخرى من خريطة العرب، لنتأمل نعمة الأمن والاستقرار والازدهار التي تحياها شعوب ودول مجلس التعاون، اللهم لا حسد ولا غيرة، كم هي محظوظة هذه الخريطة الأخرى من الأوطان العربية التي اختارت حكم القانون والنظام وتمسكت بعقد الروابط الإنسانية والحضارية، ولم تخضع لحكم المليشيات، طبعًا لا يعني ذلك أن هذه المجتمعات مثالية أو “جنان وفراديس” ولا توجد بها تجاوزات وأخطاء، فالمجتمع الفردوسي لا يوجد إلا في قصص ألف ليلة وليلة، لكن تبقى هذه المجتمعات التي اختارت حكم القانون والنظام ونبذ التحزب ورفض المليشيات الدينية والعصبية وكل أشكال التحزب والارتزاق، مجتمعات تعيش بأمن وأمان وازدهار حتى رغم الأعاصير والأزمات المالية الدولية والمحلية، لكنها تحيا ضمن منظومة متكاملة من حيث البنية التحتية وتوفر العمل والتعليم والصحة والإسكان، وأهم من ذلك أن الإنسان في هذه الدول لا ينبش في براميل القمامة بحثا عن لقمة العيش، لا تقولوا إنها لقمة النفط، فالعراق أغنى نفطيًا من دول خليجية مثل عُمان والبحرين وحتى الإمارات، فانظروا لحال العراق اليوم، رغم الثروة المائية والنفطية والزراعية والمعدنية.

السر في كلمة واحدة.. النظام، أي حكم بالأرض لا يلتزم بالنظام مصيره كمصير دول الميليشيات، ولا تبكوا اللبن المسكوب فالشعوب للأسف اختارت ورضت واستسلمت لحكم الميليشيات، ويوم تثور وتنفجر على الميليشيات ستعود للخريطة العالمية من جديد. إن المجتمعات المقيدة ضمن أعراف جنسية ودينية وسياسية، وسلة من المحرمات، وترزح تحت حكم أحزاب شيطانية باسم الله، هي مجتمعات يحكمها الفقر والبؤس والموت، كما هي الفاجعة للشقيق لبنان.

تنويرة: الحرية شمس تشرق بداخلك لا يرى ضوءها سواك.