ما وراء الحقيقة

سارقو التاريخ... سرقة الخلافة العباسية

| د. طارق آل شيخان الشمري

تاريخ‭ ‬العثمانيين‭ ‬الأسود‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬حضارة‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬يحتلونه،‭ ‬حيث‭ ‬ينتهكون‭ ‬إنسانية‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محاولة‭ ‬إعلاء‭ ‬عرقهم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬أصل‭ ‬له،‭ ‬ويقومون‭ ‬بسرقة‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يوهموا‭ ‬ويخدعوا‭ ‬البشرية‭ ‬بأنهم‭ ‬شعب‭ ‬له‭ ‬تاريخ،‭ ‬ومن‭ ‬سرقاتهم‭ ‬سرقة‭ ‬الخلافة‭ ‬العباسية،‭ ‬فقد‭ ‬احتل‭ ‬سليم‭ ‬الأول‭ ‬عام‭ ‬1517‭ ‬الشام‭ ‬ومصر،‭ ‬وأسر‭ ‬آخر‭ ‬الخلفاء‭ ‬العباسيين‭ ‬وجره‭ ‬إلى‭ ‬إسطنبول‭ ‬إمعانا‭ ‬بإذلال‭ ‬المسلمين،‭ ‬وانتقاما‭ ‬لأجداده‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬مرتزقة‭ ‬يخدمون‭ ‬بالجيش‭ ‬العباسي،‭ ‬وأقول‭ ‬مرتزقة‭ ‬حتى‭ ‬أفرق‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬جنود‭ ‬الجيش‭ ‬العباسي‭ ‬الذين‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬ويعملون‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬البلاد،‭ ‬وقد‭ ‬حاول‭ ‬سليمان‭ ‬القانوني‭ ‬ابن‭ ‬سليم‭ ‬الأول‭ ‬تنصيب‭ ‬نفسه‭ ‬خليفة‭ ‬للمسلمين‭ ‬كافة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬اصطدم‭ ‬بحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الخلافة‭ ‬لا‭ ‬تجوز‭ ‬إلا‭ ‬بقريش‭ ‬ومن‭ ‬في‭ ‬صلبها،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬الأنصار‭ ‬وهم‭ ‬عرب‭ ‬أبناء‭ ‬عرب،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬تجوز‭ ‬خلافة‭ ‬أي‭ ‬عربي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬قريش‭.‬

ولأن‭ ‬العثمانيين‭ ‬صعاليك‭ ‬وخليط‭ ‬أقوام‭ ‬مشردة‭ ‬وقتلة‭ ‬وقطاع‭ ‬طرق‭ ‬ولا‭ ‬أصل‭ ‬لهم،‭ ‬من‭ ‬تتار‭ ‬وقوقاز‭ ‬وفرس‭ ‬وأرمن‭ ‬وبلغار‭ ‬وكرد‭ ‬وبلقان،‭ ‬اجتمعوا‭ ‬وكونوا‭ ‬من‭ ‬يسمون‭ ‬بالعثمانيين،‭ ‬قام‭ ‬سليمان‭ ‬القانوني‭ ‬بسرقة‭ ‬الخلافة‭ ‬العباسية‭ ‬والتحايل‭ ‬على‭ ‬شرط‭ ‬قرشية‭ ‬الخلافة،‭ ‬بأن‭ ‬لقب‭ ‬نفسه‭ ‬بلقب‭ ‬“خليفة‭ ‬الله”‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬خليفة‭ ‬المسلمين‭ ‬الذي‭ ‬يشترط‭ ‬قرشية‭ ‬النسب،‭ ‬ولقب‭ ‬“خليفة‭ ‬الله”‭ ‬ابتدعه‭ ‬هذا‭ ‬الصعلوك‭ ‬بمباركة‭ ‬العثمانيين،‭ ‬وهي‭ ‬رتبة‭ ‬ومنزلة‭ ‬لها‭ ‬مكانة‭ ‬بين‭ ‬الأنبياء‭ ‬والرسل‭ ‬حسب‭ ‬تعاليم‭ ‬الصوفية‭ ‬العثمانية،‭ ‬حتى‭ ‬يضمنوا‭ ‬سلطتهم‭ ‬على‭ ‬رقاب‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬ويقفزوا‭ ‬على‭ ‬لقب‭ ‬“خليفة‭ ‬المسلمين”،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬منذ‭ ‬تلك‭ ‬السرقة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬سليمان‭ ‬القانوني،‭ ‬عمد‭ ‬بقية‭ ‬الصعاليك‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬اسم‭ ‬الخليفة‭ ‬والخلافة‭ ‬على‭ ‬دولتهم‭ ‬المقبورة،‭ ‬وسط‭ ‬سكوت‭ ‬لا‭ ‬مبرر‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقلبوا‭ ‬الطاولة‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬العثمانيين‭ ‬وسلطانهم،‭ ‬وعلى‭ ‬رؤوس‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬والمستتركين،‭ ‬ويعيدوا‭ ‬تصحيح‭ ‬التاريخ‭ ‬المليء‭ ‬بالسرقات‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬صعاليك‭ ‬العثمانيين‭ ‬وشعبهم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬أصل‭ ‬ولا‭ ‬تاريخ‭ ‬له‭ ‬إلا‭ ‬تاريخ‭ ‬السرقات‭. ‬وللسرقات‭ ‬بقية‭.‬