زبدة القول

رب كلمة قالت لصاحبها دعني

| د. بثينة خليفة قاسم

الإصلاحات‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬التاريخ‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬عملية‭ ‬دائمة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف،‭ ‬هكذا‭ ‬يؤكد‭ ‬تاريخ‭ ‬الدول‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ومن‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬التاريخ‭ ‬البريطاني‭ ‬وكيف‭ ‬تم‭ ‬تشكيل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬ومجلس‭ ‬اللوردات،‭ ‬وكيف‭ ‬تطورت‭ ‬الحياة‭ ‬الدستورية‭ ‬كلها‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬صورتها‭ ‬المثلى،‭ ‬وننظر‭ ‬أيضاً‭ ‬كم‭ ‬استغرقت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬لكي‭ ‬تتخلص‭ ‬من‭ ‬العنصرية‭ ‬والتمييز‭.‬

إنها‭ ‬النشأة‭ ‬الدستورية‭ ‬الواقعية‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬كما‭ ‬يسميها‭ ‬المتخصصون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬والتي‭ ‬تجعل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬قابلة‭ ‬للنجاح‭ ‬والبقاء‭.‬

أقول‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬لمن‭ ‬يحاولون‭ ‬دائماً‭ ‬أن‭ ‬يسيئوا‭ ‬لتجربتنا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الإصلاحية،‭ ‬ويحملون‭ ‬في‭ ‬عقولهم‭ ‬ترسانة‭ ‬جاهزة‭ ‬من‭ ‬التفسيرات‭ ‬المريضة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذه‭ ‬من‭ ‬خطوات‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬تقدم‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬ويدفعون‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬الغضب‭ ‬ضد‭ ‬الشيء‭ ‬ونقيضه،‭ ‬إذا‭ ‬سجن‭ ‬مخرب‭ ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬يجيشون‭ ‬الناس‭ ‬ضد‭ ‬النظام،‭ ‬وإذا‭ ‬أطلق‭ ‬سراحه‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬شيئاً‭.‬

تجربتنا‭ ‬الإصلاحية‭ ‬تتطلب‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬ينفضوا‭ ‬غبار‭ ‬الشك‭ ‬والريبة‭ ‬عن‭ ‬أذهانهم‭.‬

لو‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬الإنجاز‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬الميمون‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬وقيمناه‭ ‬بنفوس‭ ‬عادلة‭ ‬وقلوب‭ ‬عامرة‭ ‬بالولاء‭ ‬لهذا‭ ‬البلد،‭ ‬لاكتشفنا‭ ‬أنه‭ ‬إنجاز‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬في‭ ‬مئة‭ ‬عام‭.‬

وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أن‭ ‬تجربتنا‭ ‬الإصلاحية‭ ‬نبعت‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬البحريني‭ ‬بقناعة‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تدعونا‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نتلق‭ ‬ضغوطاً‭ ‬خارجية‭ ‬لكي‭ ‬نسير‭ ‬في‭ ‬تجربتنا‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬إنجازنا‭ ‬نابعاً‭ ‬من‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬التجمل‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬