ريشة في الهواء

هل أنت خائف من الغد؟!

| أحمد جمعة

الخوف‭ ‬فكرة‭ ‬بعقلك،‭ ‬مصدرها‭ ‬بذرة‭ ‬زرعتها‭ ‬خطأ،‭ ‬بتزايد‭ ‬الأخطار‭ ‬ورؤية‭ ‬العالم،‭ ‬وقد‭ ‬أضحى‭ ‬أكثر‭ ‬خطرًا،‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬كورونا،‭ ‬وتضاعف‭ ‬خسائر‭ ‬البشرية‭ ‬بأنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬صار‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المجهول‭ ‬والمستقبل،‭ ‬أكثر‭ ‬وأوسع‭ ‬تأثيرًا،‭ ‬أضحى‭ ‬القلق‭ ‬والتوتر،‭ ‬والهواجس‭ ‬والشكوك‭ ‬مسيطرة‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يتعرض‭ ‬بعد‭ ‬لأية‭ ‬مشكلة،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بمن‭ ‬تعرض‭ ‬للخسائر‭ ‬والتداعيات‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬ومازالت‭ ‬تهدد‭ ‬سكان‭ ‬العالم

لكن‭.. ‬هل‭ ‬يستسلم‭ ‬الإنسان‭ ‬للقلق؟‭ ‬هل‭ ‬يحمل‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المجهول‭ ‬والمستقبل‭ ‬على‭ ‬ظهره‭ ‬مثل‭ ‬الجبل‭ ‬ويسير‭ ‬بهما‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬معرضًا‭ ‬نفسه‭ ‬لمضاعفات،‭ ‬وربما‭ ‬ينتهي‭ ‬غدًا‭ ‬أو‭ ‬بعده‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الزلزال‭ ‬وتعود‭ ‬الحياة‭ ‬لطبيعتها،‭ ‬ويكون‭ ‬هذا‭ ‬الفرد‭ ‬قد‭ ‬خسر‭ ‬حياته؟

أظنّ‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬بالذات‭ ‬الذي‭ ‬تتجسد‭ ‬فيه‭ ‬الإرادة‭ ‬البشرية‭ ‬تجاه‭ ‬الخوف،‭ ‬بحاجة‭ ‬للعقل‭ ‬الهادئ‭ ‬المسيطر‭ ‬الذي‭ ‬يمتص‭ ‬الصدمات‭ ‬ويستوعب‭ ‬التهديدات،‭ ‬يتكيف،‭ ‬يتفهم،‭ ‬يهدأ‭ ‬ويقرأ‭ ‬الحياة‭ ‬بمنظور‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬شيءٍ‭ ‬بداية‭ ‬ونهاية،‭ ‬وهذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬تداعياتها‭ ‬الصحية‭ ‬والمالية‭ ‬والنفسية،‭ ‬وما‭ ‬يصحبها‭ ‬من‭ ‬قلق‭ ‬وتوتر،‭ ‬مصيرها‭ ‬للزوال‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬الأشياء‭ ‬في‭ ‬الكون،‭ ‬وستشرق‭ ‬شمس‭ ‬التغيير‭ ‬والعودة‭ ‬للمسار‭ ‬الطبيعي‭ ‬للحياة،‭ ‬لأن‭ ‬طبيعة‭ ‬الحياة‭ ‬الإلهام‭ ‬والعطاء‭ ‬والإنجاز،‭ ‬ولو‭ ‬قرأنا‭ ‬التاريخ‭ ‬القريب‭ ‬فقط‭ ‬وتأملنا‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬به‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬خوفٍ‭ ‬وفزع‭ ‬وقلق،‭ ‬وكيف‭ ‬خرج‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬أكثر‭ ‬حرية‭ ‬وصحة‭ ‬وتقدما‭ ‬وإنجازا،‭ ‬لتأكدنا‭ ‬أن‭ ‬دورة‭ ‬الحياة‭ ‬تتمثل‭ ‬بالنجاح‭ ‬والتقدم‭ ‬والازدهار،‭ ‬للدول‭ ‬والأفراد،‭ ‬وهذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬مصيرها‭ ‬الزوال‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬الأزمات‭ ‬السابقة،‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬المنطق‭ ‬والعقل‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬الإنسان‭ ‬ثقته‭ ‬بنفسه‭ ‬ويدفع‭ ‬ثمن‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬والمجهول‭ ‬حياته‭ ‬التي‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬ستكون‭ ‬بالأيام‭ ‬القادمة‭ ‬مختلفة،‭ ‬لأن‭ ‬طبيعة‭ ‬الحياة‭ ‬التجدد‭ ‬والتغيير‭ ‬والازدهار،‭ ‬ومن‭ ‬الخطأ‭ ‬الجسيم‭ ‬أن‭ ‬نفقد‭ ‬الأمل‭ ‬بمستقبلنا‭ ‬لأننا‭ ‬فقط‭ ‬نظن‭ ‬أنها‭ ‬النهاية،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬البدايات‭ ‬دائماً‭ ‬تأتي‭ ‬بعد‭ ‬النهايات،‭ ‬ولو‭ ‬أجلَ‭ ‬الفرد‭ ‬منا‭ ‬قلقه‭ ‬وتوتره‭ ‬وخوفه‭ ‬من‭ ‬القادم‭ ‬المجهول‭ ‬وعاش‭ ‬يومه‭ ‬ولحظته،‭ ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬بتفاؤل‭ ‬مفتعل،‭ ‬لكن‭ ‬بواقعية‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الاستسلام‭ ‬للعتمة‭ ‬المؤقتة‭ ‬التي‭ ‬خبرها‭ ‬العالم‭ ‬بكلِّ‭ ‬دوراته‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬ونجحت‭ ‬البشرية‭ ‬بكل‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬شرنقة‭ ‬الأزمة‭ ‬أكثر‭ ‬سعادة‭ ‬وبهجة‭ ‬بالتصميم‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الأخطار‭ ‬والنكسات‭.‬

صديقي‭ ‬الإنسان،‭ ‬ليس‭ ‬المطلوب‭ ‬أن‭ ‬تضحك‭ ‬وتبتسم‭ ‬بتصنع‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬لكن‭ ‬عقلك‭ ‬سيخرجك‭ ‬من‭ ‬حلبة‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق‭ ‬لو‭ ‬أدركت‭ ‬كم‭ ‬الحياة‭ ‬ملهمة‭ ‬تأتي‭ ‬بعكس‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬قلقًا‭ ‬بشأنه،‭ ‬عش‭ ‬يومك‭ ‬وسترى‭ ‬الغد‭ ‬أفضل‭.‬

 

تنويرة‭: ‬

الخوف‭ ‬كالرصاصة‭ ‬الدخانية،‭ ‬تقتلك‭ ‬إذا‭ ‬صدقتها‭.‬