الأغاني والأعياد

| رضي السماك

العيد‭ ‬معناه‭ ‬لغويا؛‭ ‬يوم‭ ‬يعودُ‭ ‬فيه‭ ‬السرور،‭ ‬وسُمي‭ ‬بذلك‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬من‭ ‬“العَوْد”،‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬عاد‭ ‬يعود‭ ‬عودا،‭ ‬والأعياد‭ ‬ترتبط‭ ‬إما‭ ‬بمناسبات‭ ‬دينية‭ ‬ووطنية،‭ ‬أو‭ ‬بمناسبات‭ ‬إنسانية‭ ‬عالمية،‭ ‬وعادةً‭ ‬ما‭ ‬نعبّر‭ ‬عن‭ ‬سرورنا‭ ‬بها‭ ‬بالأغاني‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحلو‭ ‬إلا‭ ‬بسماعها‭ ‬أو‭ ‬إنشادها‭.‬

ولما‭ ‬كانت‭ ‬أعيادنا‭ ‬الدينية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بإتمام‭ ‬فروض‭ ‬دينية‭ ‬واجبة،‭ ‬كفريضتي‭ ‬صوم‭ ‬رمضان‭ ‬وتأدية‭ ‬الحج،‭ ‬فمن‭ ‬المكروه‭ ‬تعطيل‭ ‬مظاهر‭ ‬الفرح‭ ‬بها؛‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬النوائب‭ ‬التي‭ ‬نمر‭ ‬بها،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬مشاعر‭ ‬الحزن‭ ‬تستبد‭ ‬بنا‭ ‬بسببها؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬تعطيل‭ ‬مظاهر‭ ‬الفرح‭ ‬خلالها،‭ ‬وينبغي‭ ‬ترويض‭ ‬النفس‭ ‬بالمشاركة‭ ‬الوجدانية‭ ‬في‭ ‬أفراحها‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬أُسرنا،‭ ‬خصوصا‭ ‬أطفالنا،‭ ‬والأحبة‭ ‬والأصدقاء‭ ‬الذين‭ ‬اعتدنا‭ - ‬ومازلنا‭ - ‬نتبادل‭ ‬التهاني‭ ‬معهم‭.‬

وإذ‭ ‬نحتفل‭ ‬بعيد‭ ‬الأضحى‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬بالغة‭ ‬السوء‭ ‬عالميا؛‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬محنة‭ ‬“كورونا”،‭ ‬نستذكر‭ ‬أحباء‭ ‬عزيزين‭ ‬علينا‭ ‬رحلوا‭ ‬عنا‭ ‬وتركوا‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬لوعة‭ ‬الغياب،‭ ‬فمن‭ ‬زملاء‭ ‬المهنة‭ ‬نستذكر‭ ‬الزميل‭ ‬الصحافي‭ ‬والصديق‭ ‬أحمد‭ ‬البوسطة،‭ ‬ومن‭ ‬نجوم‭ ‬الفن‭ ‬الغنائي‭ ‬الوطني،‭ ‬الفنان‭ ‬الصديق‭ ‬سلمان‭ ‬زيمان‭ ‬الذي‭ ‬تمتع‭ ‬فنه‭ ‬بشهرة‭ ‬شعبية‭ ‬واسعة،‭ ‬بحرينياً‭ ‬وخليجياً،‭ ‬ونستذكر‭ ‬أيضاً‭ ‬الشعراء‭ ‬العرب‭ ‬الكبار‭ ‬الذين‭ ‬غنت‭ ‬لأشعارهم‭ ‬قامات‭ ‬فنية‭ ‬كبيرة؛‭ ‬بعضهم‭ ‬مازالوا‭ ‬أحياء‭ ‬بيننا‭ ‬أطال‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬أعمارهم،‭ ‬وبعضهم‭ ‬رحلوا‭ ‬قبيل‭ ‬العيد،‭ ‬كالشاعر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هارون‭ ‬هاشم‭ ‬رشيد،‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬فنانين‭ ‬وشعراء‭.‬

ومما‭ ‬يزيد‭ ‬ألمنا‭ ‬في‭ ‬فقد‭ ‬المبدعين‭ ‬أفول‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل،‭ ‬عصر‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭ ‬الذي‭ ‬طغى‭ ‬عليه‭ ‬عصر‭ ‬الغلو‭ ‬والتزمت‭ ‬الديني‭ ‬الذي‭ ‬يحرّم‭ ‬الغناء‭ ‬جملةً‭ ‬وتفصيلاً،‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬أغنية‭ ‬“لسه‭ ‬الأغاني‭ ‬ممكنة”‭ ‬لمحمد‭ ‬منير‭ ‬التي‭ ‬غناها‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“المصير”‭ ‬وتتناول‭ ‬محنة‭ ‬الفيلسوف‭ ‬ابن‭ ‬رشد‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تكفيره‭ ‬في‭ ‬قرطبة‭ ‬الأندلسية‭ ‬في‭ ‬عصرها‭ ‬الظلامي‭ ‬الأخير؛‭ ‬باتت‭ ‬تلامس‭ ‬واقعنا‭ ‬العربي‭ ‬الراهن‭. ‬نتمنى‭ ‬لكم‭ ‬أعياداً‭ ‬قادمة‭ ‬أطيب،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭.‬