ما وراء الحقيقة

سارقو التاريخ... سرقة الحضارة العربية الإسلامية

| د. طارق آل شيخان الشمري

كما‭ ‬يعرف‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭ ‬والتاريخ‭ ‬ومؤرخوه،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬أجداد‭ ‬العثمانيين‭ ‬من‭ ‬قبائل‭ ‬منغوليا‭ ‬والقوقاز‭ ‬الهمجية‭ ‬الوثنية‭ ‬تعيث‭ ‬بالأرض‭ ‬فسادا‭ ‬وجهلا،‭ ‬بنت‭ ‬الامبراطورية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬بدولها‭ ‬الأموية‭ ‬والعباسية‭ ‬والفاطمية‭ ‬وبقية‭ ‬الدويلات‭ ‬العربية،‭ ‬حضارة‭ ‬إنسانية‭ ‬شملت‭ ‬الطب‭ ‬والفلك‭ ‬والفلسفة‭ ‬والعلوم‭ ‬والبحار‭ ‬والفقه‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ولم‭ ‬تجرؤ‭ ‬حضارة‭ ‬من‭ ‬الحضارات‭ ‬الإنسانية‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬الامبراطورية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء‭.‬

لكن‭ ‬هذه‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬بنتها‭ ‬الامبراطورية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬دمرتها‭ ‬جحافل‭ ‬أحفاد‭ ‬خليط‭ ‬المشردين‭ ‬والسراق‭ ‬والرعاع‭ ‬والهمج‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬النهرين‭ ‬وبلاد‭ ‬فارس‭ ‬وقزوين‭ ‬والبحر‭ ‬الأسود‭ ‬والقرم‭ ‬والبلغار‭ ‬والأرمن‭ ‬والبيزنطيين،‭ ‬الذين‭ ‬تسموا‭ ‬باسم‭ ‬العثمانيين،‭ ‬ووضعوا‭ ‬الخنجر‭ ‬الأخير‭ ‬بخاصرة‭ ‬الدولة‭ ‬العباسية،‭ ‬ليحتلوا‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬عام‭ ‬1517،‭ ‬تحت‭ ‬حجة‭ ‬الخلافة‭ ‬العثمانية‭ ‬الملعونة،‭ ‬وليبدأوا‭ ‬مرحلة‭ ‬إنهاء‭ ‬أية‭ ‬مساهمة‭ ‬حضارية‭ ‬إنسانية‭ ‬للعرب‭ ‬المسلمين‭ ‬بشتى‭ ‬العلوم،‭ ‬وليقوموا‭ ‬بنهب‭ ‬وسلب‭ ‬خيرات‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬ونقلها‭ ‬لأرض‭ ‬الأناضول،‭ ‬التي‭ ‬احتلوها‭ ‬وسرقوها‭ ‬من‭ ‬الامبراطورية‭ ‬العربية‭ ‬واستوطنوا‭ ‬بها،‭ ‬وعملوا‭ ‬على‭ ‬تهجير‭ ‬أهلها‭ ‬العرب‭ ‬والكرد‭ ‬وطردهم‭ ‬طوال‭ ‬عشرات‭ ‬السنين‭.‬

لقد‭ ‬أذاق‭ ‬هؤلاء‭ ‬المحتلون‭ ‬العثمانيون‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬أقسى‭ ‬صنوف‭ ‬الاستعباد،‭ ‬وانشغل‭ ‬العرب‭ ‬المسلمون‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬وترك‭ ‬البحث‭ ‬والعلم،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬ماهرا‭ ‬بحرفة‭ ‬ما،‭ ‬اقتادوه‭ ‬قسرا‭ ‬إلى‭ ‬بلادهم‭ ‬وجعلوه‭ ‬يبني‭ ‬ويعمل‭ ‬لصالحهم‭ ‬وصالح‭ ‬عرقهم‭.‬

 

لقد‭ ‬كان‭ ‬هدف‭ ‬العثمانيين‭ ‬تدمير‭ ‬الحضارة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ولم‭ ‬يريدوا‭ ‬رؤية‭ ‬أي‭ ‬عربي‭ ‬مسلم‭ ‬يقوم‭ ‬بالبحث‭ ‬العلمي،‭ ‬أو‭ ‬استكمال‭ ‬التفوق‭ ‬العربي‭ ‬بالطب‭ ‬والفلك‭ ‬وشتى‭ ‬العلوم،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬قائمة‭ ‬للأمة‭ ‬العربية،‭ ‬لهذا،‭ ‬وخلال‭ ‬فترة‭ ‬الاحتلال‭ ‬العثماني‭ ‬القذر‭ ‬للإنسانية‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬عالم‭ ‬عثماني‭ ‬لا‭ ‬بالطب‭ ‬ولا‭ ‬الفلك‭ ‬ولا‭ ‬الفقه‭ ‬ولا‭ ‬شتى‭ ‬العلوم،‭ ‬لأنهم‭ ‬شعب‭ ‬همجي‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬قوميات،‭ ‬ليست‭ ‬لديه‭ ‬حضارة‭ ‬ولا‭ ‬تاريخ‭ ‬ولا‭ ‬مساهمة‭ ‬بالحضارة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ولهذا‭ ‬انطفأت‭ ‬شمس‭ ‬العلوم‭ ‬والحضارة‭ ‬العربية‭ ‬بسرقة‭ ‬العثمانيين‭ ‬المقبورين‭ ‬للحضارة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭. ‬وللسرقات‭ ‬بقية‭.‬