سوالف

صور من استهتار الموظفين في بعض القطاعات

| أسامة الماجد

كمواطن‭ ‬ومراجع‭ ‬وقفت‭ ‬موقف‭ ‬الحيرة‭ ‬الهامسة‭ ‬بالعجز‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الماضي‭ ‬إزاء‭ ‬موقفين‭ ‬تعرضت‭ ‬لهما،‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البنوك‭ ‬والثاني‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الإدارات‭ ‬الحكومية‭ ‬الخدمية،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬نطلبه‭ ‬هو‭ ‬العناية‭ ‬ببعض‭ ‬أبواب‭ ‬“السنع”‭ ‬والعمل‭ ‬بذمة‭ ‬وضمير‭ ‬وخدمة‭ ‬المواطن‭ ‬ومعرفة‭ ‬جوهر‭ ‬رسالة‭ ‬الإخلاص‭ ‬والتفاني‭ ‬والالتزام‭ ‬بمكارم‭ ‬الأخلاق‭.‬

دخلت‭ ‬البنك‭ ‬الفلاني‭ ‬لتخليص‭ ‬معاملة،‭ ‬وأخذت‭ ‬رقما‭ ‬وجلست‭ ‬مع‭ ‬غيري‭ ‬من‭ ‬المراجعين‭ ‬ننتظر‭ ‬الموظفة‭ ‬لتخرج‭ ‬من‭ ‬جمودها‭ ‬وتبدأ‭ ‬إنجاز‭ ‬العمل،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬المراجعين‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة،‭ ‬لكن‭ ‬انتظارنا‭ ‬طال‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الطراز‭ ‬الغريب‭ ‬من‭ ‬الموظفات‭ ‬اللاتي‭ ‬لا‭ ‬يستحين‭ ‬من‭ ‬الاستهتار‭ ‬والتقصير،‭ ‬فالأخت‭ ‬تركت‭ ‬المراجعين‭ ‬ورفعت‭ ‬سماعة‭ ‬الهاتف‭ ‬وتكلمت‭ ‬أولا‭ ‬مع‭ ‬الخدامة‭ ‬عن‭ ‬“الغده”،‭ ‬وبكامل‭ ‬تفاصيل‭ ‬المقادير،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أنهت‭ ‬المكالمة‭ ‬الأولى‭ ‬ظلت‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬حائرة‭ ‬أمام‭ ‬جهاز‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬وكأنها‭ ‬تريد‭ ‬إجراء‭ ‬اتصال‭ ‬آخر،‭ ‬وبالفعل‭ ‬أجرت‭ ‬اتصالا‭ ‬آخر‭ ‬مع‭ ‬ابنها‭ ‬وقد‭ ‬تولتنا‭ ‬الدهشة‭ ‬عندما‭ ‬سمعناها‭ ‬تتحدث‭ ‬مع‭ ‬الابن‭ ‬عن‭ ‬“البليستيشن”،‭ ‬وعما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تناول‭ ‬“الريوق”‭ ‬أو‭ ‬لا،‭ ‬ولم‭ ‬تكتف‭ ‬بذلك،‭ ‬بل‭ ‬استكملت‭ ‬استهتارها‭ ‬بالمقياس‭ ‬الصحيح‭ ‬حينما‭ ‬أجرت‭ ‬اتصالا‭ ‬ثالثا‭ ‬مع‭ ‬الخياط‭ ‬تسأله‭ ‬عن‭ ‬“دفة‭ ‬العيد”‭!‬

وقبل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الحافل‭ ‬بالألم‭ ‬والمعاناة،‭ ‬اضطررت‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الموظفين‭ ‬بإدارة‭ ‬حكومية‭ ‬للاستفسار‭ ‬عن‭ ‬صحة‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬أحمله‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ما،‭ ‬لكي‭ ‬تسير‭ ‬الإجراءات‭ ‬بالصورة‭ ‬المطلوبة،‭ ‬لكنه‭ ‬استقبلني‭ ‬بنوبة‭ ‬غرور‭ ‬وهيجان‭ ‬بدون‭ ‬داع،‭ ‬وأطفأ‭ ‬مصباح‭ ‬المناقشة‭ ‬بسرعة‭ ‬الضوء‭ ‬ومضى‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة‭ ‬بعدما‭ ‬قالها‭ ‬والغضب‭ ‬يجلجل‭ ‬داخل‭ ‬حلقه‭ ‬“مب‭ ‬ذي‭ ‬الورقة”‭.‬

ما‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والقطاعات‭ ‬المختلفة،‭ ‬والصفات‭ ‬والخصائص‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬أي‭ ‬موظف‭ ‬كان،‭ ‬ثم‭ ‬أين‭ ‬رؤساء‭ ‬العمل‭ ‬ومتابعتهم‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬المشكلات،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الاتصال‭ ‬بهم‭ ‬متعذر‭ ‬أو‭ ‬ممنوع‭. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬القلة‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ردع‭ ‬وعلاج‭ ‬حاسم‭ ‬وعقوبات‭ ‬وضبط‭ ‬ورقابة‭.‬