خطر الإمبريالية الإقليمية

| بدور عدنان

استوقفتني‭ ‬تغريدة‭ ‬للدكتور‭ ‬أنور‭ ‬قرقاش‭ ‬وزير‭ ‬الدولة‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬بدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬كتب‭ ‬فيها‭ ‬معاليه‭ ‬“لعل‭ ‬الخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬منطقتنا‭ ‬وسيادتنا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عنوان‭ ‬المرحلة‭ ‬هو‭ ‬مصطلح‭ ‬الإمبريالية‭ ‬الإقليمية‭ ‬وهيمنتها”،‭ ‬سطور‭ ‬دفعتني‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬ملياً‭ ‬في‭ ‬مضمونها،‭ ‬حيث‭ ‬وجدت‭ ‬أنها‭ ‬حرفياً‭ ‬تصف‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬وبالتحديد‭ ‬سياسات‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬وإيران‭. ‬

تتعرض‭ ‬أقطار‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬لحملة‭ ‬ممنهجة‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬المستتر‭ ‬الذكي‭ ‬الذي‭ ‬امتزجت‭ ‬سياسته‭ ‬باستخدام‭ ‬القوى‭ ‬الناعمة‭ ‬والصلبة،‭ ‬مخلفة‭ ‬تشتتا‭ ‬وتشرذما‭ ‬في‭ ‬أصقاع‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬إذ‭ ‬عمد‭ ‬الغازي‭ ‬الرامي‭ ‬لتوسيع‭ ‬سيادته‭ ‬واحتلال‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وبسط‭ ‬سيطرته‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬أساليب،‭ ‬منها‭ ‬التغرير‭ ‬بمكونات‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بحجة‭ ‬الالتقاء‭ ‬المذهبي‭ ‬والتاريخي‭ ‬والآيديولوجي‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬ليسعى‭ ‬المحتل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬تبعية‭ ‬شعوب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إليه،‭ ‬وأن‭ ‬وجوده‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬ضرورة‭ ‬تعود‭ ‬بالمنفعة‭ ‬على‭ ‬شعوبها‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬اتبعت‭ ‬الدولتان‭ ‬سياسة‭ ‬التفريق،‭ ‬خصوصاً‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬والجماعات‭ ‬التي‭ ‬اختلفت‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬داخلياً‭ ‬أو‭ ‬مع‭ ‬محيطها‭ ‬الإقليمي‭ ‬وتقربت‭ ‬منها‭ ‬وأوهمتها‭ ‬بأنها‭ ‬الدولة‭ ‬الصديقة‭ ‬التي‭ ‬ستساعدها‭ ‬وتعاونها‭ ‬ضد‭ ‬محيطها‭ ‬الذي‭ ‬ينوي‭ ‬الشر‭ ‬لها‭ ‬وأن‭ ‬وجود‭ ‬قوات‭ ‬عسكرية‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬الحل‭ ‬لحماية‭ ‬أمنها‭ ‬الإقليمي‭ ‬وصون‭ ‬مقدراتها‭ ‬من‭ ‬اعتداء‭ ‬جيرانها‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬لم‭ ‬تتوانيا‭ ‬أبداَ‭ ‬عن‭ ‬استغلال‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات‭ ‬المتنفذة‭ ‬الساعية‭ ‬للوصول‭ ‬للسلطة،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬معهم‭ ‬ستؤمنان‭ ‬لهم‭ ‬مناصب‭ ‬ومراكز‭ ‬سياسية‭ ‬مهمة‭ ‬جزاءً‭ ‬ومكافأة‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سيقدمونه،‭ ‬وهكذا‭ ‬استطاعتا‭ ‬استدراج‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخونة‭ ‬ضعاف‭ ‬النفوس‭.‬

في‭ ‬السطر‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬تغريدة‭ ‬الدكتور‭ ‬أنور‭ ‬قرقاش‭ ‬كتب‭ ‬“ولكي‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬قدر‭ ‬المنطقة‭ ‬فالتضامن‭ ‬والتكاتف‭ ‬أولوية‭ ‬عربية‭ ‬ولنكن‭ ‬بحجم‭ ‬التحدي”،‭ ‬بذلك‭ ‬شخص‭ ‬المعضلة‭ ‬ووصف‭ ‬الدواء‭ ‬وهو‭ ‬التكاتف‭ ‬والتعاون‭ ‬العربي،‭ ‬فالمحتل‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬فرق‭ ‬تسد،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬بيننا‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أحدث‭ ‬شقاقاً‭ ‬في‭ ‬صفوفنا،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلتئم‭ ‬الشق‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نقتنع‭ ‬أن‭ ‬مصلحة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬واحدة‭ ‬رغم‭ ‬الاختلاف‭.‬