الجيوش البيضاء

| د. عبدالله الحواج

تحدثنا‭ ‬تقريبًا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ورفعنا‭ ‬القبعات‭ ‬لخلية‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬تابعت‭ ‬بكل‭ ‬نجاح‭ ‬واقتدار‭ ‬ومهنية‭ ‬تبعات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬تحدث‭ ‬الجميع‭ ‬عن‭ ‬الآثار،‭ ‬عن‭ ‬التحديات،‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”،‭ ‬ولكنهم‭ ‬لم‭ ‬يتحدثوا‭ ‬بالاستفاضة‭ ‬التي‭ ‬تستحقها‭ ‬جيوشنا‭ ‬البيضاء‭ ‬والتي‭ ‬تتقدم‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬وتعرض‭ ‬حياتها‭ ‬للخطر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬ينعم‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬بتمام‭ ‬الصحة‭ ‬وبهاء‭ ‬العافية‭.‬

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬كعادته‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬خالي‭ ‬الوفاض‭ ‬من‭ ‬الدعم،‭ ‬أو‭ ‬المساندة،‭ ‬فقام‭ ‬سموه‭ ‬بحكمته‭ ‬المعهودة‭ ‬بإعفاء‭ ‬الأطباء‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬تجديد‭ ‬تراخيصهم‭ ‬بسبب‭ ‬“كورونا”‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬غرامات‭ ‬تأخير‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬مخالفات‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬إجراءات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تترتب‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التأخير؛‭ ‬تقديرًا‭ ‬لطواقمنا‭ ‬الطبية‭ ‬وجيوشنا‭ ‬البيضاء‭ ‬لما‭ ‬يقومون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬جهود،‭ ‬وما‭ ‬يبذلون‭ ‬من‭ ‬تضحيات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الذود‭ ‬عن‭ ‬مرضانا،‭ ‬والوقوف‭ ‬بمهنية‭ ‬واستغناء‭ ‬وتفان‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المصابين‭ ‬بهذا‭ ‬الفيروس‭ ‬اللعين‭.‬

في‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬نسائية‭ ‬طبية‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬أسمى‭ ‬آيات‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬لسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬على‭ ‬توجيهات‭ ‬سموه‭ ‬الكريمة‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬واصفين‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬بالحكيم‭ ‬الذي‭ ‬حصنت‭ ‬حكمته‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬الأزمات،‭ ‬ووقفت‭ ‬باتجاه‭ ‬تشجيع‭ ‬كل‭ ‬منظومة‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬للتفاني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الذود‭ ‬عن‭ ‬مقدرات‭ ‬الوطن‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬مكتسباته‭ ‬وإنسانه‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الظروف‭ ‬والأحوال‭.‬

وللحق‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬شاردة‭ ‬ولا‭ ‬واردة‭ ‬إلا‭ ‬ونجد‭ ‬سموه‭ ‬متقدمًا‭ ‬الصفوف‭ ‬إزاءها،‭ ‬يوجه،‭ ‬ويذهب،‭ ‬ويصدر‭ ‬من‭ ‬قرارات،‭ ‬ويعقد‭ ‬الاجتماعات،‭ ‬ويسهر‭ ‬الليالي،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صون‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة،‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬عند‭ ‬سموه‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬فالجميع‭ ‬سواسية‭ ‬في‭ ‬الإنسانية،‭ ‬حقوقًا‭ ‬وواجبات،‭ ‬والجميع‭ ‬متراصون‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الكوارث‭ ‬والجوائح‭ ‬والأزمات،‭ ‬والجميع‭ ‬متطلعون‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬المكرمات‭ ‬الكريمة،‭ ‬والوقفات‭ ‬النبيلة‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المفترقات،‭ ‬وعلى‭ ‬مختلف‭ ‬الصعد‭ ‬والمجالات‭.‬

إن‭ ‬بلادنا‭ ‬تمر‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬آخر‭ ‬بآثار‭ ‬تعددت‭ ‬مشاربها،‭ ‬وتمددت‭ ‬أبعادها،‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬أقوات‭ ‬معيشة‭ ‬أيامها،‭ ‬فتأثر‭ ‬الرزق،‭ ‬وتأثر‭ ‬الأداء،‭ ‬وتراجع‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وانكشفت‭ ‬قطاعات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬أحوالها،‭ ‬وتراءت‭ ‬خيالات‭ ‬وجثمت‭ ‬كوابيس‭ ‬ما‭ ‬أنزل‭ ‬الله‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬سلطان،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وقفة‭ ‬الحكومة‭ ‬والدولة‭ ‬والناس‭ ‬بجانب‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬ورغم‭ ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬بتوجيه‭ ‬من‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬ورئاسة‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬وفقه‭ ‬الله‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬مازالت‭ ‬تحتاج‭ ‬لمؤشرات‭ ‬قياس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعيير‭ ‬أو‭ ‬تدقيق‭ ‬أو‭ ‬فرز‭ ‬الآثار‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬2020‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬المؤشرات‭ ‬الأولية‭ ‬لأداء‭ ‬بعض‭ ‬المصارف‭ ‬تبشر‭ ‬بالخير،‭ ‬لكن‭ ‬الصحيح‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬تدرج‭ ‬ضمن‭ ‬الأنشطة‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثرًا‭ ‬بجائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات؟‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حجم‭ ‬تأثرها‭ ‬بالجائحة؟‭ ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬تم‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬أداء‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات؟‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬مثلما‭ ‬أشرت‭ ‬يا‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬إلى‭ ‬مؤشر‭ ‬قياس‭ ‬لا‭ ‬يرتبط‭ ‬بالضرورة‭ ‬بالناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬أو‭ ‬بالمعدل‭ ‬العام‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬لكنه‭ ‬يتصل‭ ‬مباشرة‭ ‬بالدخل‭ ‬المتأتى‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬تلك‭ ‬الأنشطة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الجائحة،‭ ‬وبالمعاناة‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬أدائها‭ ‬وجعلتها‭ ‬أقل‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬ارتدادات‭ ‬الموجات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬لهجمة‭ ‬الفيروس‭ ‬الغامض‭.‬

سموكم‭ ‬بدأتم‭ ‬بقطاع‭ ‬الجيوش‭ ‬البيضاء،‭ ‬وهو‭ ‬يستحق‭ ‬الكثير،‭ ‬لكننا‭ ‬مازلنا‭ ‬أمام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تجنب‭ ‬تداعياتها‭ ‬بتوجيهات‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬سموكم،‭ ‬وبتصويب‭ ‬حكيم‭ ‬من‭ ‬جانبكم،‭ ‬الله‭ ‬يحفظكم‭ ‬ويرعاكم‭ ‬ويسدد‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الخير‭ ‬خطاكم،‭ ‬إنه‭ ‬سميع‭ ‬مجيب‭.‬