قهوة الصباح

عندما ينام الرصاص على ذراع زهرة

| سيد ضياء الموسوي

كي‭ ‬نخرج‭ ‬من‭ ‬وجع‭ ‬السياسة‭ ‬قليلا،‭ ‬وكي‭ ‬نريح‭ ‬بندقية‭ ‬الحروف‭ ‬قليلا،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الالتجاء‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الأدب،‭ ‬حيث‭ ‬النثر‭ ‬يأسر‭ ‬الشعر‭ ‬ليختلطا‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬دموية‭ ‬واحدة‭. ‬

نوقف‭ ‬الرصاص‭ ‬قليلا‭ ‬ليستحم‭ ‬مع‭ ‬باقة‭ ‬ورد،‭ ‬فلربما‭ ‬يلين‭ ‬الرصاص‭ ‬وتقوى‭ ‬وردة‭ ‬رميت‭ ‬في‭ ‬النهر‭ ‬اشتهاء‭.‬

‭ ‬ألتجئ‭ ‬إلى‭ ‬عرين‭ ‬الأدب‭ ‬كلما‭ ‬ضاق‭ ‬بي‭ ‬الخناق‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬الحياة؛‭ ‬لأنتعش‭ ‬بالحب‭ ‬نصا‭ ‬وموسيقى،‭ ‬فألتجئ‭ ‬إلى‭ (‬الاستوديو‭) ‬الخاص‭ ‬بي‭ ‬لأسجل‭ ‬مقطوعاتي‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬الآن‭ ‬ست‭ ‬نصوص‭ ‬أدبية‭ ‬بمقطوعات‭ ‬موسيقية‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬الازدياد‭. ‬

أعددتها‭ ‬كقربان‭ ‬للحب،‭ ‬ولكل‭ ‬العاشقين‭ ‬ممن‭ ‬أعرفهم‭ ‬وممن‭ ‬سقطوا‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬الحب‭ ‬ضحايا‭ ‬عشق‭ ‬كاذب‭ ‬أو‭ ‬قرابين‭ ‬حب‭ ‬صادق‭. ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬ألقيتها‭ ‬بصوتي‭ ‬مع‭ ‬الموسيقى‭ ‬لإيماني‭ ‬أنه‭ ‬وحده‭ ‬الحب‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الأمل‭ ‬ليخلق‭ ‬أجنحة‭ ‬لجروح‭ ‬عاشق،‭ ‬أو‭ ‬دمع‭ ‬عاطل،‭ ‬أو‭ ‬تاجر‭ ‬يسأل‭ ‬كسبا،‭ ‬أو‭ ‬أب‭ ‬يرسم‭ ‬عشا‭.‬‭ ‬

عندما‭ ‬نؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬هو‭ ‬إله‭ ‬الحب‭ ‬والجمال‭ ‬والإنسان‭ ‬سيكون‭ ‬للحياة‭ ‬مذاق‭ ‬وللرحمة‭ ‬طبق‭ ‬ذهبي‭ ‬للسلام‭ ‬وللسبحة‭ ‬اشتهاء‭ ‬يفوق‭ ‬كل‭ ‬اشتهاء‭.‬النص‭. ((‬عُد‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬كُنتُ‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ألتقيك،‭ ‬ثم‭ ‬ارحل‭). ‬عد‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬كنت،‭ ‬يسكنني‭ ‬جُرحُ‭ ‬الوحدةِ‭ ‬واليومَ‭ ‬مسكونٌ‭ ‬بجُرحين‭: ‬جُرحِ‭ ‬العناقِ‭ ‬وجُرحِ‭ ‬الفراقِ‭.. ‬عد‭ ‬بي‭ ‬حيث‭ ‬كنت،‭ ‬أعانقُ‭ ‬كلَ‭ ‬من‭ ‬التقيه،‭ ‬وأبسِم‭ ‬للعائدين‭ ‬والراحلين‭ ‬في‭ ‬شوارعِ‭ ‬العشقِ‭ ‬ولا‭ ‬أحدَ‭ ‬يستوقفني‭ ‬غيرُ‭ ‬قلبي‭ ‬والطريق‭.. ‬أضاحكُ‭ ‬حرا‭ ‬كما‭ ‬السحابْ،‭ ‬وأرقُصُ‭ ‬حرا‭ ‬بلا‭ ‬دمعِ‭ ‬الحبيبِ‭ ‬أو‭ ‬إلحاحِ‭ ‬عتابْ‭.. ‬وأسكُرُ‭ ‬بخمرةِ‭ ‬السَهرِ‭ ‬الطويلِ‭ ‬بلا‭ ‬سميرٍ‭ ‬لكلِ‭ ‬من‭ ‬يطْرُقُ‭ ‬في‭ ‬هوى‭ ‬الليلِ‭ ‬بابْ،‭ ‬فكلُ‭ ‬الوجوهِ‭ ‬واحدةٌ،‭ ‬وكلُ‭ ‬العطورِ‭ ‬واحدةٌ‭ ‬ولا‭ ‬يهتمُ‭ ‬قلبي‭ ‬لمن‭ ‬يطْرُقُ‭ ‬بابي‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يريدُ‭ ‬بعدَ‭ ‬اللقاءِ‭ ‬الذهابْ‭... ‬وأنت‭ ‬الذي‭ ‬جئتَ‭ ‬يوما‭ ‬زرعتَ‭ ‬بعمقِ‭ ‬هذا‭ ‬الفؤادِ‭ ‬العذاب‭... ‬احرقتَ‭ ‬في‭ ‬الحبِ‭ ‬كلَ‭ ‬المراكبِ،‭ ‬واشعلتَ‭ ‬قلبي‭ ‬بعودِ‭ ‬ثِقابُ‭... ‬أنا‭ ‬في‭ ‬الاحتراقِ‭ ‬أموتُ‭ ‬سنينا‭ ‬وأحيا‭ ‬سنينا،‭ ‬فلا‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬البعدِ‭ ‬قريبٌ،‭ ‬ولا‭ ‬أنا‭ ‬حرٌ‭ ‬في‭ ‬الإياب‭. ‬

غريبا‭ ‬أسيرُ‭ ‬بكلِ‭ ‬المرافئ‭ ‬واغسِلُ‭ ‬كلَ‭ ‬الشواطيِ‭ ‬دمعا،‭ ‬فلا‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬موطنٍِ‭ ‬ولا‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬الاغتراب‭. ‬

كفرت‭ ‬بالحُلمِ‭ ‬والحالمين‭ ‬ومزقتُ‭ ‬كلَ‭ ‬صورِ‭ ‬الذكرياتِ‭ ‬حتى‭ ‬سقطتُ‭ ‬قتيلا‭ ‬على‭ ‬على‭ ‬مذبحِ‭ ‬الحبِ‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يُدعى‭ ‬اجتِذاب‭. ‬

بربِك‭ ‬عُدْ‭ ‬بي‭ ‬بربك‭ ‬عد‭ ‬بي‭ ‬بربك‭ ‬عد‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬كُنتُ‭ ‬قبلَ‭ ‬أن‭ ‬ألتقيك،‭ ‬ثم‭ ‬ارحل‭ ‬ثم‭ ‬ارحل‭ ‬تعبتُ‭ ‬من‭ ‬النومِ‭ ‬فوقَ‭ ‬الرخام‭. ‬ويأكلني‭ ‬البردُ‭ ‬ويُدفئني‭ ‬الدمعُ‭ ‬ويصرعني‭ ‬الليلُ‭ ‬بصوتِ‭ ‬انتحاب‭ .. (‬مجازا‭ ‬أقول‭: ‬انتصرتُ،‭ ‬مجازا‭ ‬أقولُ‭ ‬خسرتُ،‭ ‬ويمتدُّ‭ ‬وادٍ‭ ‬سحيقٌ‭ ‬أمامي،‭ ‬وأَمتدُّ‭ ‬فيما‭ ‬تبقَّى‭ ‬من‭ ‬السنديان،‭ ‬وثَمَّة‭ ‬غربتان‭ ‬تَلُمَّانني‭ ‬من‭ ‬جهاتٍ‭ ‬ثلاثٍ‭ ‬ويحملُني‭ ‬طائرانِ‭ ‬إلى‭ ‬الجهة‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬الجرح‭ ‬والهاوية‭ ‬لئلاَّ‭ ‬أقولَ‭: ‬انتصرتُ‭ ‬لئلاَّ‭ ‬أقول‭: ‬خسِرتُ‭ ‬الرِهان‭). ((‬لأني‭ ‬أحبّك،‭ ‬يجرحُني‭ ‬الظلُّ‭ ‬تحت‭ ‬المصابيح‭. )).... ‬وأيُ‭ ‬صبحٍ‭ ‬وأنت‭ ‬بعيدٌ‭ ‬في‭ ‬الظلام‭... ‬وأي‭ ‬حبٍ‭ ‬يجيء‭ ‬بعدك‭ ‬ليس‭ ‬حبا‭ ‬ولا‭ ‬غرام‭. ...‬يقولون‭ ‬حبٌ‭ ‬وهو‭ ‬كذبٌ‭. ‬وكلُ‭ ‬العباراتِ‭ ‬كلامٌ‭ ‬في‭ ‬كلام‭. ‬

فانت‭ ‬الذي‭ ‬كنتَ‭ ‬تنقِشُ‭ ‬بالحبِ‭ ‬صدحَ‭ ‬العصافيرِ‭ ‬بعيني‭ ‬وتَرسِمُ‭ ‬كلَ‭ ‬النوارسِ‭ ‬وتجعلُ‭ ‬كلُ‭ ‬الحمائمِ‭ ‬تطيرُ‭.‬

‭ ‬تصفقُ‭ ‬للحبِ‭ ‬وتجعلُ‭ ‬من‭ ‬العشقِ‭ ‬عشا‭ ‬لتسكنَ‭ ‬فيه‭ ‬جميعُ‭ ‬الحمام‭. ‬فأنت‭ ‬الاحتراقُ‭ ‬وأنت‭ ‬الرعودُ‭ ‬إذ‭ ‬تستفيقُ‭ ‬وأنت‭ ‬بكلِ‭ ‬الشتاءِ‭ ‬بردٌ‭ ‬يصفقُ‭ ‬للقُبلِ‭ ‬المشتهاةِ‭ ‬على‭ ‬كلِ‭ ‬الشفاهِ‭ ‬لينعمَ‭ ‬كلُ‭ ‬العاشقين‭ ‬ببردِ‭ ‬الشتاءِ‭ ‬ودارِ‭ ‬السلام‭.‬

‭ ‬مكانُك‭ ‬قلبي‭ ‬وإن‭ ‬عز‭ ‬المكان‭ ... ‬وداريّ‭ ‬قبرٌ‭ ‬وإن‭ ‬نام‭ ‬فيها‭ ‬الخلودُ،‭ ‬وموتي‭ ‬خلودٌ‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كنتَ‭ ‬حاضرا‭ ‬في‭ ‬الزمان‭. ‬

أراك‭ ‬في‭ ‬العيدِ‭ ‬طفلا‭ ‬يغني‭ ‬ويبسِمُ‭ ‬للريحِ‭ ‬براءةَ‭ ‬عينٍ‭ ‬تسائلُ‭ ‬عني‭. ‬وعني‭ ‬ومني‭ ‬ومني‭ ‬وعني‭ ‬وأنت‭ ‬في‭ ‬الليلِ‭ ‬قمري‭ ‬وفني‭ ‬وفي‭ ‬الصبحِ‭ ‬شمسٌ‭ ‬تُعيدُ‭ ‬الجمالَ‭ ‬وتفضحُ‭ ‬كلَ‭ ‬الوشاةِ‭ ‬وما‭ ‬لفقوه‭ ‬من‭ ‬تجن‭. ‬أعانقُ‭ ‬كلَ‭ ‬من‭ ‬التقيه،‭ ‬وابسِمُ‭ ‬للعائدين‭ ‬والراحلين‭ ‬في‭ ‬شوارعِ‭ ‬العشقِ‭ ‬ولا‭ ‬أحدَ‭ ‬يستوقفني‭ ‬غيرُ‭ ‬قلبي‭ ‬والطريق‭.‬