نهاية ثورتين

| رضي السماك

في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬حيث‭ ‬تحل‭ ‬ذكرى‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬1952‭ ‬المصرية‭ ‬بقيادة‭ ‬الزعيم‭ ‬الوطني‭ ‬والقومي‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر،‭ ‬وثورة‭ ‬14‭ ‬تموز‭ ‬العراقية‭ ‬1954‭ ‬بقيادة‭ ‬القائد‭ ‬الوطني‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬قاسم،‭ ‬يتجدد‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬الثورتين‭ ‬ومن‭ ‬قائديها‭ ‬وتقييمهما،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الإجحاف‭ ‬بمكان‭ ‬مساواة‭ ‬كلتا‭ ‬الثورتين‭ ‬بالانقلابات‭ ‬العسكرية‭ ‬العربية‭ ‬الاخرى؛‭ ‬فبفضل‭ ‬هاتين‭ ‬الثورتين‭ ‬حقق‭  ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬العربيين‭ ‬إستقلالهما‭ ‬التام‭ ‬غير‭ ‬المنقوص‭ ‬وسيادتهما‭ ‬الوطنية‭ ‬الكاملة،‭ ‬وتحررا‭ ‬من‭ ‬الوصاية‭ ‬الإنجليزية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬إرادة‭ ‬النظامين‭ ‬السابقين‭ ‬الكاملة،‭ ‬وبفضل‭ ‬هاتين‭ ‬الثورتين‭ ‬تحققت‭ ‬إصلاحات‭ ‬وتحولات‭ ‬إجتماعية‭ ‬جذرية‭ ‬لصالح‭ ‬شعبيهما،‭ ‬وبخاصة‭ ‬الطبقات‭ ‬الفقيرة‭ ‬وذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود،‭ ‬ولولا‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬الملموسة‭ ‬لما‭ ‬حقق‭ ‬قائداهما‭ - ‬ناصر‭ ‬وقاسم‭ - ‬شعبية‭ ‬جماهيرية‭ ‬لا‭ ‬ينكرها‭ ‬إلا‭ ‬جاحد‭ ‬مكابر‭ ‬أو‭ ‬ذو‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬ضيق‭. ‬بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬تكتسب‭  ‬كلتا‭ ‬الثورتين‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬صفة‭ ‬“‭ ‬الثورة‭ ‬“،‭ ‬ولا‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬الأخطاء‭ ‬القاتلة‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬فيها‭ ‬زعيما‭ ‬الثورتين‭ ‬والتي‭ ‬مكنت‭ ‬قوى‭ ‬الثورة‭ ‬المضادة‭ ‬من‭ ‬الإجهاز‭ ‬على‭ ‬مكاسبهما؛‭ ‬فبإعدام‭ ‬قاسم‭ ‬على‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬فبراير‭ ‬شباط‭ ‬العام‭ ‬1963‭ ‬أنتهت‭ ‬ثورة‭ ‬14‭ ‬تموز،‭ ‬وبوفاة‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬المفاجئة‭ ‬العام‭ ‬1970‭ ‬أنتهت‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭. ‬

ويُعد‭ ‬تغييب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ونزعة‭ ‬التفرد‭ ‬بالحكم‭ ‬لدى‭ ‬القائدين‭ ‬هو‭ ‬الخطأ‭ ‬الرئيس‭ ‬الجسيم‭ ‬التي‭ ‬تندرج‭ ‬تحته‭ ‬جميع‭ ‬الأخطاء‭ ‬القاتلة،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬تدني‭ ‬الوعي‭ ‬الشعبي‭ ‬بأهمية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬يتحمل‭ ‬نصيبا‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬مسؤولية‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تطغي‭ ‬حينذاك‭ ‬مهام‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬ربطها‭ ‬بالحقوق‭ ‬الدستورية‭ ‬والديمقراطية‭.‬