زبدة القول

الصين بعد كورونا

| د. بثينة خليفة قاسم

ادخل‭ ‬محلا‭ ‬للإلكترونيات‭ ‬أو‭ ‬الكمبيوترات‭ ‬المحمولة‭ ‬والهواتف،‭ ‬ادخل‭ ‬محلا‭ ‬للملابس،‭ ‬واسأل‭ ‬عن‭ ‬شيء‭ ‬ليس‭ ‬مصنوعًا‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬سيبتسم‭ ‬لك‭ ‬البائع‭ ‬مشيرًا‭ ‬بيديه‭: ‬“أوول‭ ‬فروم‭ ‬تشاينا”،‭ ‬وإذا‭ ‬تجولت‭ ‬في‭ ‬المحل‭ ‬فستتأكد‭ ‬بالفعل‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬صنع‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬وأن‭ ‬الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬ليس‭ ‬صينيًا‭ ‬في‭ ‬المحل‭ ‬هو‭ ‬العامل‭.‬

الصين‭ ‬صنعت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬فوانيس‭ ‬رمضان‭ ‬التي‭ ‬يلعب‭ ‬بها‭ ‬الأطفال،‭ ‬الصين‭ ‬تبيع‭ ‬والعالم‭ ‬كله‭ ‬يشتري،‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬الصعود‭ ‬الصيني‭ ‬الكبير‭ ‬والفائض‭ ‬المالي‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬أنجزه‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬والذي‭ ‬جعله‭ ‬يتحدث‭ ‬والعالم‭ ‬كله‭ ‬يستمع‭ ‬إليه،‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬لديها‭ ‬احتياطات‭ ‬مالية‭ ‬ضخمة،‭ ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬يجب‭ ‬التركيز‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬فنحن‭ ‬بحاجة‭ ‬لزيادة‭ ‬حجم‭ ‬تدفق‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭. ‬ولاشك‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬سيخطب‭ ‬ود‭ ‬الصين‭ ‬ويسعى‭ ‬للحوار‭ ‬معها،‭ ‬ذلك‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬سارعت‭ ‬إليه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬رئيسها‭ ‬السابق‭ ‬بوش،‭ ‬وهذا‭ ‬السعي‭ ‬العالمي‭ ‬للشراكة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬ليس‭ ‬غريبًا،‭ ‬فرغم‭ ‬كونها‭ ‬دولة‭ ‬شيوعية‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬القوة‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي‭ ‬الأجنبي،‭ ‬فهي‭ ‬تملك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭.‬

وأثبتت‭ ‬الصين‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬مسألة‭ ‬آيديولوجيا‭ ‬فكرية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية‭ ‬وليست‭ ‬مسألة‭ ‬أفكار،‭ ‬لكن‭ ‬المسألة‭ ‬مسألة‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬ينفذون‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬ألم‭ ‬نر‭ ‬جميعًا‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬العالم‭ ‬الرأسمالي‭ ‬يركع‭ ‬على‭ ‬ركبتيه،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تخفيض‭ ‬ضئيل‭ ‬ومؤقت‭ ‬لقطار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭ ‬السريع؟‭!‬

 

وأهم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬المسألة‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تعمل‭ ‬وتسطر‭ ‬الإنجازات‭ ‬في‭ ‬صمت،‭ ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭: ‬هل‭ ‬ستحافظ‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬مكانتها‭ ‬بعد‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا؟‭.‬