سوالف

لنسرق لحظات العمر الباقي في التفاؤل

| أسامة الماجد

مشاهدة‭ ‬السلوك‭ ‬البشري‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬مسألة‭ ‬معقدة‭ ‬جدا،‭ ‬وكأنها‭ ‬عملية‭ ‬تحكمها‭ ‬معادلات‭ ‬إحصائية‭ ‬تحدد‭ ‬لنا‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬يلزمنا‭ ‬أن‭ ‬نخرج‭ ‬بها،‭ ‬فلا‭ ‬نأخذ‭ ‬الفروق‭ ‬العرضية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬فروق‭ ‬جوهرية،‭ ‬ولا‭ ‬الجوهرية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬عابرة،‭ ‬وأشهر‭ ‬ميادين‭ ‬الموت‭ ‬الشائع‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬فيه‭ ‬الإنسان‭ ‬القلق‭ ‬والتفكير‭ ‬الذي‭ ‬يمزق‭ ‬العقل‭ ‬كما‭ ‬تمزق‭ ‬العواصف‭ ‬الشباك،‭ ‬ومن‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬خلع‭ ‬نافذة‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬سيبتسم‭ ‬له‭ ‬الصباح‭ ‬والمساء‭.‬

إن‭ ‬معظم‭ ‬الأمراض‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬الناس‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬وأبرزهم‭ ‬الدكتور‭ ‬فنسنت‭ ‬مردها‭ ‬القلق،‭ ‬فكثير‭ ‬منهم‭ ‬أصيبوا‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭ ‬ولا‭ ‬يزالون‭ ‬يرزحون‭ ‬تحت‭ ‬هذا‭ ‬الكابوس‭ ‬الذي‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬الخلاص‭ ‬منه‭ ‬سيجر‭ ‬عليهم‭ ‬وبالا‭ ‬ويأتيهم‭ ‬بأسوأ‭ ‬العواقب‭.‬

إن‭ ‬القلق‭ ‬لم‭ ‬يولد‭ ‬مع‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولم‭ ‬يولد‭ ‬الإنسان‭ ‬حزينا‭ ‬كئيبا‭ ‬ممتلئ‭ ‬الرأس‭ ‬بالأفكار‭ ‬والهموم،‭ ‬إذا‭ ‬القلق‭ ‬عادة‭ ‬مكتسبة‭ ‬سببها‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بالإنسان‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬وكل‭ ‬عادة‭ ‬مكتسبة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬يمكن‭ ‬الإقلاع‭ ‬عنها‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬المرء‭ ‬العزيمة‭ ‬الصادقة‭ ‬والثقة‭ ‬بالنفس،‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬اعتقاد‭ ‬متين‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وإيمانا‭ ‬راسخ‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭  ‬الذين‭ ‬أمضوا‭ ‬أياما‭ ‬بل‭ ‬شهورا‭ ‬وسنين‭ ‬في‭ ‬بحث‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬أصيب‭ ‬بها‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬قدیم‭ ‬الزمان،‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬المرء‭ ‬فريسة‭ ‬للقلق‭ ‬والتفكير‭ ‬وأهمها‭ ‬الوحدة،‭ ‬الحزن،‭ ‬مرض‭ ‬مزمن،‭ ‬توقع‭ ‬الشر،‭ ‬توتر‭ ‬الأعصاب‭. ‬

 

هذه‭ ‬البنود‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تخلق‭ ‬القلق‭ ‬والاضطراب‭ ‬لدى‭ ‬الإنسان،‭ ‬لا‭ ‬يشترط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬واحد،‭ ‬فإنها‭ ‬لو‭ ‬اجتمعت،‭ ‬كافية‭ ‬لأن‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬بسرعة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬واحدا‭ ‬منها‭ ‬يفضي‭ ‬بالمرء‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬فريسة‭ ‬القلق،‭ ‬وهكذا‭... ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يحرك‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬جداول‭ ‬حياته،‭ ‬ويسرق‭ ‬لحظات‭ ‬العمر‭ ‬الباقي‭ ‬في‭ ‬التفاؤل‭ ‬والفرح،‭ ‬فمن‭ ‬يدري،‭ ‬لعل‭ ‬الموت‭ ‬فوق‭ ‬العتبات‭.‬