رؤيا مغايرة

“الفاشنيستات”... نهاية الوهم

| فاتن حمزة

أعلنت‭ ‬نيابة‭ ‬الأموال‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬عن‭ ‬إحالة‭ ‬18‭ ‬من‭ ‬المشتبه‭ ‬في‭ ‬تضخم‭ ‬حساباتهم‭ ‬البنكية،‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬مشاهير‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬و”الفاشنيستات”،‭ ‬وذكرت‭ ‬تقارير‭ ‬صحافية‭ ‬أن‭ ‬النيابة‭ ‬تحقق‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬شاب‭ ‬وفتاة‭ ‬من‭ ‬مشاهير‭ ‬“السوشال‭ ‬ميديا”،‭ ‬بعدما‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تضخما‭ ‬في‭ ‬حساباتهما‭ ‬المالية،‭ ‬تجاوزت‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬كويتي‭ (‬39‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أميركي‭ ‬تقريبا‭).‬

كما‭ ‬كشفت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬خيوطا‭ ‬يشتبه‭ ‬بكونها‭ ‬سبلا‭ ‬لغسل‭ ‬الأموال‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إيداع‭ ‬مبالغ‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬بعض‭ ‬المشاهير‭ ‬بحجة‭ ‬أجور‭ ‬إعلانية،‭ ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬الحديث‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬استدعاء‭ ‬مشاهير‭ ‬للنيابة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أخذ‭ ‬أقوالهم‭ ‬في‭ ‬تضخم‭ ‬حساباتهم‭ ‬البنكية‭.‬

صدق‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬“لكل‭ ‬أمة‭ ‬فتنة،‭ ‬وفتنة‭ ‬أمتي‭ ‬المال”،‭ ‬وقال‭ ‬أيضا‭: ‬“إن‭ ‬الدينار‭ ‬والدرهم‭ ‬أهلكا‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬قبلكم‭ ‬وإنهما‭ ‬مهلكاكم”‭.‬

فهاهي‭ ‬أكذوبة‭ ‬الفاشنيستات‭ ‬بدأت‭ ‬بالتكشف،‭ ‬حيث‭ ‬استدرجهن‭ ‬الشيطان‭ ‬بصور‭ ‬شتى،‭ ‬فسقطن‭ ‬في‭ ‬مستنقع‭ ‬الفضيحة،‭ ‬فقد‭ ‬استدرجهن‭ ‬الشيطان‭ ‬خطوة‭ ‬خطوة،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬“يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬النَّاسُ‭ ‬كُلُواْ‭ ‬مِمَّا‭ ‬فِي‭ ‬الأَرْضِ‭ ‬حَلاَلاً‭ ‬طَيِّبا‭ ‬وَلاَ‭ ‬تَتَّبِعُواْ‭ ‬خُطُوَاتِ‭ ‬الشَّيْطَانِ‭ ‬إِنَّهُ‭ ‬لَكُمْ‭ ‬عَدُوٌّ‭ ‬مُّبِينٌ”‭ (‬البقرة‭: ‬168‭). ‬فقال‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭ ‬خطوات‭ ‬وليس‭ ‬خطوة،‭ ‬وهكذا‭ ‬فعل‭ ‬معهن،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬إثرهن‭ ‬من‭ ‬المقلدين‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬تتوفر‭ ‬السبل‭ ‬نفسها‭ ‬عندهم،‭ ‬فعمدوا‭ ‬إلى‭ ‬الاقتراض‭ ‬لمجاروتهن‭ ‬في‭ ‬ثرائهن‭ ‬غيرة‭ ‬وحسدا‭ ‬فأهلكوا‭ ‬أنفسهم،‭ ‬فلا‭ ‬طريقاً‭ ‬قطعوا‭ ‬ولا‭ ‬ظهرا‭ ‬أبقوا‭.‬

ما‭ ‬يأتي‭ ‬بسهولة‭ ‬يذهب‭ ‬بسهولة‭ ‬وربما‭ ‬معه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفضائح،‭ ‬ولو‭ ‬تتبعنا‭ ‬خيوط‭ ‬جُل‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬لوجدنا‭ ‬أن‭ ‬سببها‭ ‬التقليد‭ ‬والتنافس‭ ‬والحسد‭ ‬والغيرة،‭ ‬وصدق‭ ‬الله‭ ‬إذ‭ ‬قال‭: ‬“وَلَا‭ ‬تَمُدَّنَّ‭ ‬عَيْنَيْكَ‭ ‬إِلَى‭ ‬مَا‭ ‬مَتَّعْنَا‭ ‬بِهِ‭ ‬أَزْوَاجاً‭ ‬مِّنْهُمْ‭ ‬زَهْرَةَ‭ ‬الْحَيَاةِ‭ ‬الدُّنيَا‭ ‬لِنَفْتِنَهُمْ‭ ‬فِيهِ‭ ‬وَرِزْقُ‭ ‬رَبِّكَ‭ ‬خَيْرٌ‭ ‬وَأَبْقَى”‭ (‬طه‭: ‬131‭). ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬ان‭ ‬نشاهد‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬قصصا‭ ‬ومشاهد‭ ‬مخجلة‭ ‬من‭ ‬سلع‭ ‬رخيصة‭ ‬أغرتها‭ ‬الأموال‭ ‬والشهرة‭ ‬لتظهر‭ ‬على‭ ‬الملأ‭ ‬بأفعال‭ ‬تتنافى‭ ‬مع‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬ومجتمعنا،‭ ‬ظاهرة‭ ‬أخذت‭ ‬مساحة‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬تستحق‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬لفتيات‭ ‬أصبحت‭ ‬الفاشنستات‭ ‬مثلهن‭ ‬الأعلى‭ ‬الذي‭ ‬أفقدهن‭ ‬برائتهن‭ ‬بإفساد‭ ‬أخلاقهن‭ ‬ومبادئهن‭!‬

نأمل‭ ‬أن‭ ‬يعي‭ ‬الناس‭ ‬حجم‭ ‬الخطر‭ ‬بوضع‭ ‬قيود‭ ‬وضوابط‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬انتشارهن‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬فكر‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬شخصيات‭ ‬أخير‭ ‬وأعظم‭ ‬ليكونوا‭ ‬إضافة‭ ‬مثمرة‭ ‬للمجتمع‭ ‬وتفخر‭ ‬بهم‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭.‬